ظهرت في المجتمعات العربية مؤخراً العديد من الظواهر الاجتماعية السيئة نتيجة عقوق الوالدين وانعدام الأسلوب اللائق في التعامل معهما، فبدأت أخبار الحوادث التي يرتكبها الأبناء في حق والديهم تملأ صفحات الجرائد، فتارة نجد شاباً يحرق والديه، وتارة أخرى نجد شخصاً يطلق الرصاص على أبيه؛ مما يوحي بإمكانية تطور الأمر إلى مزيد من الجرائم في المستقبل ما لم تتخذ حيالها سبل العلاج التربوي الناجح. وفي المملكة ارتفعت نسبة قضايا عقوق الوالدين إلى 80% خلال أربعة أشهر، بحسب وزارة العدل، وقد تصدرت الرياض أكثر المناطق في عدد هذه القضايا، والتي بلغت 25 قضية، تلتها المنطقة الشرقية بسبع قضايا، في حين لم تنظر المحاكم خلال العام الماضي إلا قضية واحدة في المحكمة العامة في ضمد. ومن أهم أسباب انتشار قضايا عقوق الوالدين، الجهل بعواقب العقوق العاجلة والآجلة وعدم معرفة ثمرات البر الحالية والمستقبلية، ويعتبر ضعف الوازع الديني هو المسئول الأول عن انتشار هذه الظاهرة، كما يمثل سوء التربية عاملاً لا يمكن إغفاله حيث إن الوالدين ما لم يربيا أولادهما على التقوى، والبر والصلة فإن ذلك سيقودهم إلى التمرد والعقوق. وكذلك الحال بالنسبة للتفكك الأسري الذي يترتب عليه إهمال تربية الأبناء وضياعهم، وأيضاً تضارب الأقوال والأفعال بين الآباء والأبناء والتفرقة بينهم في التعامل مما يبعث الكراهية بينهم ويوغر صدورهم، إضافة إلى العنف بين أفراد الأسرة الواحدة، كما يعدّ إدمان الأب للمخدرات من الأسباب الرئيسة لعقوق الوالدين. ويؤكد العديد من الأخصائيين النفسيين على أنه يجب اتباع العديد من الأساليب للقضاء على ظاهرة عقوق الوالدين منها توثيق الترابط الأسري وإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية لدى الشاب والشابة، وضرورة البحث بين رفاق الأسرة للتعرف على ميولهم وثقافاتهم وأسلوبهم، ومن ثم يجب أن يعطي الأب قدراً من وقته لأبنائه حتى يساعدهم على حل مشكلاتهم الشخصية، كما يمكن تثقيف وتوعية الوالدين من خلال بعض الدورات التي تسهم في نجاح التربية السليمة للأبناء. وحتى يشعر الأبناء بالاهتمام وحب والديهم لهم والحرص عليهم، يجب متابعة الأب والأم لهم في المدارس وزيارتهم بصفة دورية، وتوفير ما يحتاجونه من مال بالقدر المتيسر مع معرفة أسباب حاجتهم له ولو بصورة عامة. ومن الناحية التربوية في المدارس، يتعين تكثيف الحملات الإرشادية، وتفعيل قيمة بر الوالدين في المقررات الدراسية وفي أنشطة المدارس كالمشاهد التمثيلية وغيرها مع تكثيف المحاضرات المتضمنة التوجيه التربوي وبر وطاعة الوالدين في الخطاب الديني بالمساجد ودور العبادة. علاوة على ما سبق يجب أن يؤدي الإعلام دوره في محاربة هذه الظاهرة من خلال القيام بحملات توعية لتعزيز الجوانب الإيجابية في التربية والأخلاق وبر الوالدين ونبذ الجوانب السيئة والسلبية للحوادث الغريبة والظواهر الدخيلة على المجتمع.