يشعر المراهقون غالباً بالرغبة في الاستقلال والتعبير بحرية عن آرائهم وشخصياتهم وبالتالي تشتد حدة الخلافات والمناقشات مع والديهم وأحياناً ما تكون المعارضة هدفاً في حد ذاتها مما يولّد العديد من المشاعر السلبية لدى هؤلاء الشباب، على الرغم من ضرورة اهتمامهم دوماً بإظهار أسمى آيات الحب والتقدير للوالدين. حيث إن الصداقات مثلاً من الممكن الاستغناء عنها أو زوالها في أي وقت، لكن لا يمكن لأحد أن يتخلى عن والديه مهما كانت الظروف والأحوال، فالصلة التي تربطنا بهم عراها قوية لا تنفك أو تنفصل، وذلك للعديد من الأسباب من أهمها حب كلا الوالدين لأبنائهم الذي هو فطرة وغريزة وهبها الله للوالدين مراعاة لأبنائهم منذ لحظة ولادتهم، وهو حب نقي لا تشوبه شائبة يعطى بلا حدود يقتضيه إلزامهم بمراعاة أولادهم وحمايتهم من غائلة الزمن، حتى ينضجوا ويصبحوا قادرين على إعالة أنفسهم دون أدنى شرط من جانبهم أو قيد على الأبناء. بالإضافة إلى ذلك فالوالدان هما أول من تعلمنا على أيديهم الكثير من المبادئ والقيم، واكتسبنا العديد من السلوكيات التي شكلت لنا شخصياتنا فيما بعد، وهم أول من حاسبنا وقوم تصرفاتنا منذ نعومة أظافرنا إيجابية كانت بالثناء عليها، أو سلبية بالتنبيه والتحذير من تكرارها، والتفرقة بين ما هو جائز مقبول وما لا يمكن تمريره تحت أي ذريعة، مما ساهم في نمو شخصياتنا واستقلالنا في الكبر. كما تحمّل الوالدان نصيباً وافراً من الشقاء، الأم التي قاست متاعب الحمل والولادة والرعاية، أو الأب الذي اضطلع بعبء كسب الرزق ومشاق العمل والمسؤولية توفيراً لحياة معيشية مناسبة لأبنائه، فمن منا يستطيع أن ينكر تعرُّض كلا الوالدين للكثير من المشاق من أجل تربيته، والعناية به، والسهر على راحته، بالإضافة إلى الحفاظ عليه دوماً سليماً معافى بتقديم الرعاية الصحية له عند المرض. والوالدان أيضاً منبع الحنان الذي لا ينضب فمهما أخطأنا نجد دائماً أنهم أول من يحيطونا بعطفهم ورعايتهم، فكثيراً ما نخطأ ونجدهم إلى جوارنا متفهمين لهفواتنا، حريصين على تهذيبنا وتقويم سلوكياتنا نحو الأفضل؛ وهم دائماً على استعداد للتضحية دون انتظار المقابل، وأسمى غاياتهم إضافة لبنة صالحة في بناء الأمة والمجتمع. وأخيراً فإن حب الوالدين لأبنائهم حب فطري جعله الله سبحانه وتعالى في قلوب الآباء حتى يتمكنوا من العطاء وتحمل الصعاب، لذا نجد لديهم الرغبة الحقيقية في أن يكون أبناؤهم أحسن حالاً منهم، على اعتبار أنهم امتدادٌ لهم في الحياة؛ وهم الزرع الذي اجتهدوا في رعايته وذاقوا الأمرّين لرؤيته وهو ينضج؛ لذلك نجدهم حريصين كل الحرص على تنشئتهم وكفالتهم.