يعتبر العنف المدرسي من أخطر ما يهدّد أمن واستقرار المؤسسات الاجتماعية وأفراد المجتمع، والذي أصبح ظاهرة خطيرة انتشرت في المدارس في الآونة الأخيرة، فلم يعد غريباً أن نسمع عن معلم اعتدى على طالب بالضرب المبرح حتى تسبّب له عاهة مستديمة. العنف لم يكن مقتصراً فقط على مدارس البنين وإنما امتد أيضاً إلى مدارس البنات، ويؤكد العديد من المختصين على أن عنف المدرسين يرجع لكثرة الضغوط التي يعاني منها المعلم سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية والتي ينقلها معه إلى مقاعد الدراسة، ثم يقوم بإسقاطها على من تحت سلطته من هؤلاء الأبناء، الذين تركهم آباؤهم أمانة في أيدي معلميهم لنيل التربية الحسنة والقدوة الطيبة بالأساس. كما كشفت إحصائية لوزارة الداخلية السعودية أن العنف المدرسي في المملكة يشكل 82 في المائة من إجمالي الحوادث، وقالت إنه أحد أكثر المشكلات شيوعاً إذ سجل عام 2004 في منطقة الرياض وحدها 1406 حادث اعتداء، لتصل إلى نحو 4528 حالة بزيادة 40 في المائة خلال سبع سنوات، مما يعني وجوب الوقوف بحزم وقوة ضد هذه الظاهرة التي من الممكن أن تقضي بشكل مبرم على ما تم انجازه من مسيرة تعليمية واعدة. وأوضحت دراسة أخرى تناولت العنف والإيذاء داخل المدارس أن 23 في المائة من الأطفال من سن 6 – 10سنوات في المرحلة الابتدائية، يعدون الأكثر تعرضاً للتحرش الجنسي وفق العينة التي شملتها الدراسة والتي تركزت على أثر هذا العنف على المجتمع ككل، وذكرت دراسة أخرى أن ما يقارب 70 في المائة من حالات تحرش الأطفال يرتكبها الأقارب، وأن السكوت عن هذا الفعل يعود إلى الإرهاب الاجتماعي، ويعد أحد نتائج العنف النفسي أيضاً. وأوضح العديد من الأخصائيين النفسيين أن هذا العنف الموجه من المدرسين ضد الطلاب يترك مؤشرات سلبية على شخصياتهم من أهمها الاكتئاب، الانطوائية، العدوانية، مما يعني أن يكون العنف هو أسلوب الحوار الوحيد داخل أفراد الأسرة الواحدة مستقبلاً للتنفيس عن حالة الكبت والإحباط العاطفي والنفسي. وأكدوا على أنه من الضروري أن يراقب مدير المدرسة سلوك المعلم لتفادي كثير من المشاكل، وعليه يتوجب التواصل مع المدرسين عن طريق الاجتماعات المطولة، والتعامل معهم بالحسنى لأن فريق العمل يحتاج كثيراً من الاحتواء والصبر. وينبغي أن يفرق المعلم بين عدم استطاعة التلميذ القيام بعمل ما، وبين عدم رغبته في أدائه ، فالنوع الأول من الطلبة يحتاج إلى مزيد من التوجيه والإرشاد والشرح والتوضيح، أما النوع الثاني فهو متمرد بطبعه، وبالتالي لابد من تقديم النصح له واتباع أسلوب الترغيب والترهيب، أو الحزم أو العقاب إن لزم الأمر، وإذا سادت حالة من الفوضى وهو في الصف، يجب ألا يفقد المدرس السيطرة على أعصابه وأن يلتزم الهدوء وضبط النفس والاتزان الانفعالي؛ كون ذلك وسيلة للسيطرة على الآخرين. وتعمل روح المحبة والوئام بين المعلم والطلبة على إزالة التوتر والخوف العصبي، بما يشيع في الصف جو من الشعور الفياض بالسعادة الغامرة، لأن حب المعلم يستدعي بالضرورة متابعة مادته الدراسية، والمحبة هي أساس النجاح والتوفيق في أي عمل.