حوار: شاكر عبدالعزيز - تصوير: إبراهيم بركات .. في صفحتنا «عسكريون في الظل» نلتقي باللواء صالح محمد عليان العجمي أحد أبناء الوطن الغالي الذي أدى حياته العسكرية بكل نزاهة وإخلاص واستطاع أن يشق طريقه في المجال العسكري ليحصل على وسام تقدير وترقية استثنائية بعد أحداث الحرم المكي الشريف.. اللواء «العجمي» الذي استطاع من خلال توليه العديد من المناطق العسكرية في مجالات الأمن العام المختلفة حصل أيضاً على بكالوريوس الآداب.. وكتب العديد من القصائد في مناسبات مختلفة نقلب معه دفتر الذكريات.. تحدث للبلاد اللواء صالح العجمي وقلت له في البداية سبق لك أن عملت كمدير لشرطة "حائل" ماذا يعني قرار خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بتعيين سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء؟ قال اللواء صالح العجمي مدير شرطة حائل السابق: فرصة طيبة أن استقبلكم وأتحدث إليكم في جريدة البلاد العزيزة علينا جميعاً هذه الجريدة التي هي من اوائل من نشر ثقافتنا وموروثاتنا وتاريخنا المميز إن شاء الله، هذه الجريدة أكن لها الحب والتقدير والإجلال هي - والندوة - لأنهما معروفتان تاريخياً وثقافياً في جميع الأوساط الثقافية. وبالنسبة لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء فهو غني عن التعريف، وشهادتي فيه قد تكون مجروحة، لأنني عايشته اثني عشر عاماً من رتبة "عقيد" إلى "رتبة لواء" وبعد أحداث "الحرم" منحوني أقدمية سنة من مقدم إلى "عقيد" ثم صدر الأمر الكريم من صاحب السمو الملكي سيدي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية - يرحمه الله - ومن سمو الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية في هذا الوقت بتعييني "مديراً لشرطة منطقة حائل" ومن رتبة عقيد إلى رتبة لواء حتى وجدت أنني محتاج إلى "الراحة" ومتابعة أموري الشخصية فطلبت التقاعد، بعد أن استأذنت من صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ورغم أن ذلك الطلب لم يلق الموافقة عليه من صاحب السمو الأمير نايف وسمو الأمير أحمد إلا بعد العام والنصف العام وبعد تدخل صاحب السمو الملكي سيدي ولي العهد حيث وسطت سموه الكريم في هذا المجال. العمل مع الأمير مقرن صف لي فترة عملك مع سمو الأمير مقرن في منطقة حائل؟ بالنسبة لفترة العمل مع سمو الأمير مقرن كلنا نعرف أنه طيار وعين بعد عمله كطيار أميراً لمنطقة حائل، والأمير مقرن بن عبدالعزيز يمتاز بدقة المواعيد وبحسن التنظيم "منضبط" في دوامه في الثامنة صباحاً نتقابل في الإمارة حيث يبدأ في استقبال المراجعين ثم ندخل سوياً إلى "مكتبه الخاص" ونستعرض ما مضى في الأربع والعشرين ساعة يومياً من حوادث ومن مشاكل ومن سلبيات ومن إيجابيات، وبعد الانتهاء من المكتب استأذنه للذهاب إلى مكتبي لإنجاز معاملاتي واستقبال المراجعين الذين لهم علاقة بالأمور الأمنية من حقوق ومن واجبات. وكانت أهم توجيهات تصدر لنا من سموه هي تنفيذ الأوامر الملكية السامية بأن تكون دائماً في خدمة الوطن والمواطن وفي إحقاق الحق وإثبات العدالة بصرف النظر عمن يرضى أو يغضب لأن الحق لا يرضي الطرفين. ولكننا نجتهد بأن نرضي الإنسان بالحق وإذا لم يرض بالحق نحاول أن نشرح له أنه على طريق باطل. متى كان يغضب الأمير مقرن بن عبدالعزيز وهو أمير لمنطقة حائل؟ كان يغضب عندما يتظلم المواطن من المسؤول، وعندما لا يجد المسؤول على مكتبه في الوقت المناسب وقت الدوام الرسمي، وعندما لا يرى إيجابيات المسؤول وإبداعه وتجديده في عمله، كان يغضب وأكثر ما يغضبه هو عدم الانضباط أو الانتظام في الدوام والحضور، وكان يحترم العسكريين لأنه "عسكري" مع أنه يقدر المدنيين ولكني لاحظت أن له ميولاً عسكرية ويميل إليهم، والأمير "مقرن" عندما تتحدث معه لا تشعر أنك تتحدث مع تجده إنساناً بسيطاً عادياً متواضعاً رجلاً محترماً يحترم كلامك وهو يعطيك الحرية في أن تتحدث فيما يجول في خاطرك. هؤلاء هم أبنائي أين ولدت ومن هم أبناؤك؟ المولد في منطقة نجران.. ونجران كانت منطقة خصبة فيها الزراعة والمياه ولهذا اجتمع فيها الكثير من القبائل من كل القبائل - قحطان - وعشير - وعتيبة - وشمر، غير القبائل التي هي أساس نجران وهم "يم" وقد ولدت في نجران ونحن من قبيلة "عجمان" والعجمان أساسهم في أعلى وادي حبونة غرباً موجودة بلادهم، وأساس العجمان من "يم" وهم يسكنون ويستوطنون بلادهم الحقيقية الأساسية وهي (وادي القرن ووادي كهلان) وفيها صلبان عجيم وقصر "عجيم" و"بير حبيقة" التي تجمع أربعة فخود من "العجمان" وهم آل "معيض" أي آل "عمشارة" وآل "هطلان" فخدي أنا وآل سليمان جماعة الشيخ عبدالمحسن بن حجرة وآل محفوظ وهم سكان "الرس" وهم "آل عساف" والغفالة" و"العواجي" و"الربحي". اخترت العسكرية لحبي لها من اختار لك السلك العسكري هل أنت شخصياً أم الوالد؟ كان هذا هو اختياري أنا شخصياً لأنني من نجران اتجهت وأنا شاب صغير إلى الخرج وكان فيها إخواني من رجال الأمن العام،وأثناء وجودي لدراسة الابتدائية لاحظت "الضباط" وعشقت كيف يتم احترامهم وملابسهم ولفت نظري في هذا الوقت "البوليس الحربي السعودي" هناك في الخرج، ويومها قررت أن أصبح "ضابطاً" وأعمل مثل هؤلاء، واتجهت من الخرج بخطاب من رجل يقال له الشيخ عبدالله بن عفيصان "يرحمه الله"، وكان رجلاً مدنياً وقريباً من إخواني في الشرطة، أعطاني خطاباً لسعادة اللواء المرحوم عبدالعزيز الجيفان وكان في شرطة مكة، وكان مدير مدرسة مكةالمكرمة للشرطة في مكةالمكرمة، ولكني ذهبت من الخرج إلى الرياض ومن الرياض التحقت بمدرسة ابتدائية عسكرية تابعة للجيش وكان خالي فيها "وكيل رقيب" (مدرب) وهو المرحوم حمد بن طرازان، والتحقت بالمدرسة الابتدائية كطالب عسكري في الجيش واستمريت حتى السادسة ابتدائي وبعدها حزنت لأنني رسبت في الحساب مع أنني من أفضل الطلاب في الحساب، وهربت ولم أحصل على الابتدائية وعدت إلى الخرج مرة أخرى وأخذت خطاب التوصية وذهبت إلى اللواء بن جيفان "يرحمه الله" وتخرجت من مدرسة الشرطة عام 1381 هجرية. مشواري مع الشرطة ما هو مشوارك في السلك الأمني؟ بعد تخريجي طلبت أن أعين في نجران وكان الفريق طه خصيفان "مدير الأمن" تعذر عن ذلك وقال لي نضعك في أبها قريباً من نجران وذهبت إلى أبها وتوليت مراكز قيادية، ومنذ هذا التاريخ وأنا اتولى مراكز قيادية.. وعينت من أبها في شرطة "ظهران الجنوب" كمسؤول أول (ملازم) ومنها عدت إلى مكةالمكرمة ثم إلى بلاد ظهران "المندق" وأصبحت مدير مركز هناك أو شرطة، وبعدها نقلت إلى الباحة ومن الباحة إلى الرياض، وعينت في الأمن العام للتدريب، طلبت من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للعمل في شرطة الرياض وبقيت في شرطة الرياض إلى عام 1394ه ،وقدمت خطاباً طبياً وتقريراً عن الوالدة وطلبت نقلي إلى الطائف وكان سموه في أمريكا وعينت في الطائف مدير قسم ثم مساعد مدير الشرطة إلى أن جاءت "أحداث الحرم" واشتركت في أحداث الحرم وكنت من الذين حصلوا على "وسام"، وكنت في هذه الأحداث "مقدم" ورقيت إلى رتبة "عقيد" وحصلت على (وسام ومنحة أرض) لمن شاركوا، بعدها ذهبت إلى حائل وبقيت فيها إلى عام 1412ه. رئيس الأركان ونائبه من هم زملاؤك في المرحلة العسكرية؟ زملائي في الجيش كان رئيس الأركان "صالح المحيا" ونائبه "سلطان بن عاد المطيري" ولكنهما كانا أكبر مني في السن ولكن تزاملنا حوالى أربع سنوات. واستطيع القول إن العسكرية أعطتني "المصداقية" والانضباط وحب النظام، وحتى في بيتي ومع أولادي فأنا أحب النظام، وأنت ترى مكتبي الآن كل شيء منظم وحياتي مرتبة حتى وصيتي دائماً أكتبها، والعسكري دائماً "صدوق". أما العسكرية فقد أخذت مني كل شيء، بالنسبة لأولادي كانوا بعيدين مني وكانوا يدرسون بعيدين عني وكنت أتابعهم من بعيد، وكان أهلي لا يشاهدونني إلا "نائماً" لأنني لم أكن أنام في الليل ما لم أعرف ماذا يدور في المنطقة كلها من خلال الجهاز بجواري وأعرف من المراكز والأقسام من هو المسجون ومن هو الظالم الذي يستغل وجوده ويظلم إنسان ولا يمكن أن انام قبل أن أعرف من هو المسجون ومن هو الموقوف ومن هو المظلوم، هكذا كانت حياتي واخذت كل وقتي من أولادي. من هم أولادك؟ أولادي المهندس عبدالله بن صالح العجمي رئيس بلدية بريمان الآن في جدة، ومدير قسم الكمبيوتر في مطار الملك عبدالعزيز (فيصل)، والدكتور (سطام) طبيب بشري في الداخلية، و(فهد) موظف مرموق في بنك الرياض، ونايف كان مبتعثاً على حساب صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز ثم التحق بالبعثة التعليمية الرسمية، وهم خمسة أبناء والبنات اثنتان متزوجتان، وابناي عبدالله وفيصل كان خادم الحرمين الشريفين قد وافق على إلحاقهما بالحرس الوطني ولكنهما بعد صدور الموافقة انسحبا من العمل في القطاع العسكري، والأمير نايف بن عبدالعزيز "يرحمه الله" أمسك بأيدي ابنيَّ "فهد ونايف" في الرياض وطلب منهما أن يصلا ما وصل به أبوهما في المجال العسكري وهذا شيء لن انساه ولن ينساه (فهد ولا نايف) ولكن مع الأسف عندما كبرا لم يوافقا على الالتحاق بالعسكرية. وأنا أقضي وقتي في التقاعد الآن لأنني توقعت أني سوف أحقق دخلاً في الحياة المدنية أفضل من العسكرية، وطلبت التقاعد المبكر وفتحت أكثر من سجل تجاري ولكنني فشلت وحققت خسائر، وفشلت وطرحت هذا الموضوع على الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله والتجارب تحتاج إلى خبرة في التعامل الخاص بها ولم أحقق أي نجاح في العمل التجاري والآن اتفرغ لأولادي وعوضت أولادي عن الفترة السابقة. ماذا عن اهتمامك بالشعر وماذا عن اهتمامك بالشعر؟ خلال عملي في شرطة حائل استلمت شرطة كانت في الصفر وبدأت من الصفر إلى إن وصلت بها إلى ما شهد به سمو الأمير مقرن وأصحاب السمو الملكي الأمراء، ومع التجديد والإبداع في الشرطة كنت أدرس في الجامعة وحصلت على البكالوريوس في علم الاجتماع، وأنا في الشرطة وادرس وأحضر في وقت الاختبار، وكنت أتابع الشعر وأنا في العمل في مكتبي وفي كل فرصة وأكتب كثيراً من القصائد ولكن مع الاسف لا يوجد تشجيع إذا لم يكن لديك "واسطة" لا ينشر لك إلا عن طريق "قريب أو صديق"، وأحبط في كثير من الأوقات، وأذكر قصيدة لي خلال غزو الكويت كانت قصيرة رائعة ونشرت في عكاظ ، والقصيدة الثانية دخلت مع الأمير خالد الفيصل على الأمير سعد الفيصل وهو منوم في المستشفى في الرياض وعندما شاهدت حالته كتبت في عشر دقائق قصيدة أبيات أذكر منها: تسلم ولد فيصل وعن الشر عديت الكل يدعو لك مسا كل ليل ولو العمر يفدى بعمرك تخليت أعمارنا دونك تراها سبيلي وبنظرات عيني يا كحلان فزيت كل ماع أقبل الزوار صف طويل تركت نصح اللي يقولوا لك الدكاترة تترك من العادات بعض قليل ونشهد أنني صادق إليك ما جيت أدعو لكم صحة وعمر طويل ويا سيدي ياشبل فيصل تعافيت حماك رب العرش كله ظليلي وصلاة رب في الحج بالبيت على النبي الهاشمي ثم قيلي ولكن كل أمور الشعر والشعراء وأقولها صريحة لا تسير إلا بالواسطات وبالمجاملات وبالمصالح.