من يعزي من في أمة من الخيرين؟ والعالم كله بعربه وعجمه قد فقد وشارك بالأحزان والعزاء بالأمير سلطان بن عبدالعزيز نور الله قبره وجعله روضة من رياض الجنة وقدس الله روحه وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين والشعب السعودي خاصة بمليكه وأسرته الحاكمة ومواطنيه الأوفياء أصيبوا بمصاب جلل وعزى بعضهم بعضاً ولا تدري من يعزي من لأن المصاب على الجميع كبيرهم وصغيرهم ونساءهم ورجالهم ولن أتطرق لما تطرق له الآخرون فقد كتبوا الكثير والكثير من المواقف الرسمية والعلمية والسير الذاتية والمناصب القيادية وهو قليل في حق الراحل الكبير والفقيد الغالي ولكن سأتذكر قصتي وأولادي المعوقين لفقد الأطراف مع سموه الكريم وإن لم أذكر كل شيء ولكنها خواطر ولمحات لعلها تخفف مما في قلوبنا من حزن وأسى وكدر وإنا لله وإنا إليه راجعون فقد رزقني الله بطفلين جميلين رائعين وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة ولدا بدون أطراف ولم يكن لدينا أي معلومات عن مصابهم لا طبياً ولا اجتماعياً ولا عن الأجهزة التعويضية وسمعت عن زيارة الأمير سلطان رحمه الله إلى حائل عام 1419ه وهداني الله لإرسال فاكس لمكتب الأمير طالباً مقابلته والسلام عليه وأيست من الرد لضيق الوقت وسافرت إلى العمرة والحرمين الشريفين وجاء الأمير وعندما كان في أحد الحفلات ألقى والدي قصيدة شعرية وعندما سمع الأمير اسم والدي تذكر طلبنا وأرسل معالي الشيخ عبدالله الغريري ليسأل والدي ويقول أين زيد وأولاده المعوقين فإننا نتصل على هواتفهم ولا نجد رداً والأمير يريد مقابلتهم وكنت في مكة والموعد قريب ولا أستطيع العودة فحملهما جدهما وأعمامهما للأمير وقابلوه وكعادته رحب ولاطف ومازحهما وعندما قالت له البنت يا بعد حيي يا سلطان قال ما شاء الله أنتي تعرفينها فأنا أحب هالكلمات وأحب أهلها وأمر لهم بسيارة ومبلغ مادي مجزٍ واستمرت خيراته ومكرماته وأمر بتوظيف ولدي الكبير في مطار حائل وطمعنا بكرمه وخيره وصرنا نكتب له مطالب المعوقين العامة والخاصة فلا يمر وقت حتى نقرأ ونسمع توجيهاته لخدمة المعوقين العامة والخاصة وقد قابلت سموه عام 1426ه في حفل جمعية الأطفال المعوقين بحائل وسلمنا عليه وقبلته وتعجبت من تواضعه وبشاشته وابتسامته الدائمة وكأننا نعرفه منذ سنوات وقد أمر كذلك للمعوقين الذين قابلوه بعطايا كبيرة وكان ابني عبدالرحمن يسمي نفسه بعد ذلك بخوي سلطان وسعد الأمير بجرأة المعوق عبدالله الجريد ورجع مرة أخرى لمقابلته وملاطفته ومن الغد اتصل بي الأخ اللواء الدكتور إبراهيم المالك وقال إن الأمير يطلب حضور والد عبدالله الجريد للقصر لمعرفة حاجاته وطلباته وأحضرته لهم وحصل له من الأمير الخير الكثير والعلاج والشهرة في مقابلته ولا زالت خيراته وعطاياه تتواصل على المعوقين حتى قبل رحيله بأيام ولذلك فقد كنا نأمل بعودته وشفائه ولكن قدر الله وما شاء فعل ولقد عم الحزن أسرتنا عامة مثلما حزن الجميع وحزن أولادي عليه خاصة حزناً شديداً وعلقوا بصوره يقبلونها ويبكون ولا زالوا غير مصدقين برحيله وبقوا أياماً لا يدرسون ويتسمرون أمام مراسم العزاء والقنوات وهي تقرأ القرآن وعزاؤنا وعزاؤهم بأنه قدم على أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ربنا رب العالمين الذي وسعت رحمته كل شيء وسيجازيه بأفعاله الطيبة المباركة أضعافاً مضاعفة فقد كان لا يريد جزاءً ولا شكورا إنما ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى وعزاؤنا بالوالد الحبيب الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله عمره متمتعاً بالصحة والعافية وبولي عهده الأمين الأمير النايف نايف بن عبدالعزيز والأسرة الحاكمة عامة وبأولاد وبنات سموه خاصة وقد أسعدوا كل من كان يجود عليهم الأمير سلطان ويكرمهم بخيراته ومساعداته المتواصلة بأن خير والدهم لن ينقطع كما أوصاهم بذلك وكما تعاهدوا عليه والحمد لله الذي جعل له عقباً صالحاً باراً يسير على نهجه ومنهجه ويخفف عمن فقده فقداً عظيماً وهم الأرامل واليتامى والمعوقون الذين كان لهم العون والسند والوالد والذخر والركن الشديد والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه وسلام على المرسلين وإنا لله وإنا إليه راجعون. * والد صفية وعبدالرحمن الأمير سلطان مع أحد المعوقين أحباب الأمير سلطان والمشمولين بمكارمة