يصبو الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما الى إعادة صياغة تعاملات الولاياتالمتحدة مع ايران صاحبة الطموحات النووية لكن هل يعرض إجراء محادثات غير مشروطة ام يظهر مزيدا من الصرامة اولا ؟. ظهر هذان الخياران واسعا النطاق من خلال مجموعة من النصائح التي وجهها ساسة وأكاديميون لأوباما بشأن التوصل الى سبل للتعامل مع ايران أفضل من تلك التي اتبعها الرئيس جورج بوش. لكن محو ثلاثة عقود من الزمن من المواجهة والعداء المتبادل لن يكون بالمهمة اليسيرة حتى اذا كانت احتمالات شن الولاياتالمتحدة او اسرائيل غارة على المواقع النووية الإيرانية قد تراجعت. تقول تريتا فارسي مديرة المجلس الوطني الإيراني الأمريكي الذي ينادي بالتفاهم المتبادل إنه في وجود اوباما يختفي أحد العوامل الرئيسية وهو أن إدارة بوش قد تفعل شيئا جنونيا تماما." وأضافت "بقية الوضع الهيكلي مطابق لما كان عليه من قبل... وبدون مفاوضات ستتجه الدولتان نحو الصراع." وحتى الآن تجاهلت الجمهورية الإسلامية التي ترسخت مكانتها الإقليمية بعد أن أزاحت جانبا حربا الولاياتالمتحدة في أفغانستان والعراق العقوبات الأمريكية وعقوبات الأممالمتحدة لوقف برنامجها النووي الذي تقول إنه يهدف الى توليد الطاقة وليس إنتاج قنبلة. وفي عامها الأخير نحت إدارة بوش جانبا أي فكرة عن قصف ايران وأبلغت اسرائيل بالتراجع عن هذه الفكرة ايضا. وتأمل اسرائيل الآن في أن يجبر انخفاض أسعار النفط طهران على التنازل. وقال مسؤول بارز بالحكومة الإسرائيلية طلب عدم نشر اسمه "مشاكل ايران الاقتصادية تجعلها اكثر عرضة للتأثر بالعقوبات... من وجهة نظرنا هناك الآن فرصة لتصعيد العقوبات على مدار تسعة أشهر والحصول على نتائج حقيقية." وتقول بعض الأصوات في الولاياتالمتحدة مثل واضعي تقرير صدر عن مركز السياسة الثنائية في سبتمبر ايلول إن من الضروري "بناء قوة" من خلال تكثيف الاستعداد العسكري وتجهيز عقوبات اكثر صرامة بالتنسيق مع القوى العالمية لضمان خوض امريكا اي محادثات مع ايران من موقع القوة. على النقيض نادت لجنة من 20 خبيرا جمعها معهد السياسة الخارجية الأمريكي الى إجراء مفاوضات غير مشروطة وليس مجرد استخدام مزيد من القهر الاقتصادي او العسكري. وحتى في اسرائيل ومنذ فوز باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية اتسع نطاق جدل هيمن عليه تقييم الخيارات العسكرية مقابل فرض عقوبات اكثر قوة لوقف أنشطة ايران النووية. وقال الميجر جنرال عاموس يالدين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية يوم الاثنين إن "الحوار مع ايران وفي نفس الوقت الإصرار على أبعاد واضحة ومحددة لوقف البرنامج الإيراني ليس بالضرورة سلبيا." فكيف يجب أن يتحرك اوباما حين يتولى سدة الرئاسة في 20 يناير كانون الثاني قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة الإيرانية وكيف سيكون رد فعل الإيرانيين؟ يتوقع على أنصاري مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت اندروز في اسكتلندا أن يتبع اوباما نهجا حذرا الى جانب درجة من الارتباك في طهران حيث يركز الجانبان في باديء الأمر على المشاكل الاقتصادية الداخلية. وقال "مثلما ذهل الغرب لوصول (الرئيس الإيراني السابق محمد) خاتمي كذلك سيذهل الإيرانيون بوصول اوباما." لكن ما هي نصيحته لأوباما؟ "أن يكلف مبعوثا خاصة بالمسؤولية عن (السياسة تجاه) ايران ومساعدته على أن يحيط نفسه بأفضل الخبراء وأن يكون شخصا له مكانة لا يسعى لمنصب سياسي." ويرى أنصاري أن الإيرانيين لن يصلوا الى أي شيء مع الأمريكيين اذا استمروا على المنهج القائم على الايديولوجية وقال "لكن اذا كانوا راغبين في الانفتاح فهناك مساحة كبيرة للمناورة." لكنه شكك في ما اذا كان الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مستعد للانخراط بالفعل مع واشنطن وقال أنصاري إن "على خامنئي أن يتخذ القرار ولا أعتقد أنه مستعد تماما شخصيا او نفسيا." وقال جاري سيك الاستاذ بجامعة كولومبيا والذي شارك في تقرير اللجنة إن اوباما سيؤكد استعداده لاجراء محادثات مباشرة وتحسين العلاقات وعدم التدخل. وأضاف قائلا لرويترز "سيزيل هذا بعضا من هذا الخوف الإيراني من أننا سنطيح بهم." ونصح سيك باستحدام الفترة السابقة لانتخابات ايران التي تجري في يونيو حزيران لمراجعة السياسة الأمريكية وإعداد المبادرات دون تدشين أي منها حيث قد ينظر الى هذا على أنه محاولة للتأثير على الانتخابات التي سيسعى فيها الرئيس محمود احمدي نجاد للفوز بولاية رئاسية ثانية. كما اقترح تشجيع العراق وافغانستان على تشكيل مجموعات إقليمية بمشاركة أمريكية وايرانية لمناقشة قضاياهما مثل اعتزام الولاياتالمتحدة خفض وجودها في العراق. وسيتحدى هذا طهران لتلعب نوعية الدور الإقليمي المسؤول الذي تدعيه. وأضاف سيك "سيوفر هذا مناخا لا يقتصر على مجرد أن نوجه لهم أصابع الاتهام." ولعبت ايران هذا الدور بعد حرب أفغانستان عام 2001 ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة حيث ساعدت المسؤولين الأمريكيين على التوصل الى تشكيل حكومة جديدة وتوفير مساعدات قيمتها 750 مليون دولار ليصفها بوش عام 2002 بأنها جزء من "محور الشر." وتقول فارسي إن ما يستخلص من التجربة أن من الضروري توضيح الهدف الاستراتيجي النهائي قبل محاولة بناء علاقة جديدة بين الولاياتالمتحدةوايران قائمة على مجالات الاهتمام المشترك. وتساءلت "ليست هناك ثقة كافية فلماذا يعملان معا تكتيكيا اذا كانت الدولتان ستعودان الى العداوة الاستراتيجية بعد التعاون التكتيكي مباشرة؟"