انخرطت مدينة ساو باولو البرازيلية في محاولة ركّزت على إعادة تأسيس غابة المطر وما تحويه من نظم إيكولوجية، بمعنى أنها تجربة في إعادة تجديد البيئة ومصادرها، وهو مشروع واعد ينفّذ في البرازيل، قد يكون محل بحث من قبل ال190 دولة التي اجتمعت في مؤتمر المناخ في الدوحة، خاصةً مع تنوع معالم المراعي التي كانت تملأ قلب " غابة المطر " الأطلسية هناك، ولم تسهم إزالة الأشجار المكثفة في تغيير واجهة الأراضي فحسب، بل تسببت أيضاً في تغيير الدورة المائية، وقلبتها رأسًا على عقب. ففي أزمان ماضية، كانت الغابة تمتد على مساحة مليون كيلومتر مربع من شواطئ الأطلسي إلى الداخل البرازيلي، وحاضرًا، لم يبق سوى 7 فقط في المائة من هذه المساحة، وبات المزارعون في مواجهة واقع تحوّل إلى مشكلة متنامية، تتمثل في اختفاء المياه الجوفية الغزيرة والعذبة التي استخدمت على مدى عقود من الزمن، ويحتاج المزارعون إلى استرجاع الغابة الممطرة، كي يتمكنوا من ريّ مزروعاتهم وتزويد عائلاتهم بالمياه، ووسط ضجة إعلامية كبيرة، غرس هؤلاء المزارعون وخبراء في علم الأحياء، أولى الشجيرات في إطار مشروع متميز يهدف إلى الحفاظ على مليون هكتار من الأراضي ضمن "غابة المطر" القريبة من ساو باولو، أكثر المناطق من حيث الكثافة السكانية في البرازيل، ويهدف هذا المشروع إلى إعادة خلق النظام البيئي الفريد من نوعه، كما يسعى للمطالبة بما يسمى ب "الخدمات" التي كانت تؤمنها الغابة المطيرة، بدءًا من الحفاظ على الينابيع الطبيعية وخصوبة الأراضي ووصولاً إلى القضاء على الكربون وامتصاصه من الهواء، إلا أن تلك الخطوة مكلفة تمامًا، حيث يتطلب "مشروع إعادة تأهيل الغابة الساحلية" المُموَّل من قبل الدولة و"مرفق البيئة العالميGlobal Environment Facility" " قرابة بليوني شتلة من مئات أنواع الأشجار، ومن المتوقع أن يستغرق إنجازه عشرات السنين، ويتوقع أن تصل النفقات إلى بليوني دولار بما يساوي 2000 دولار للهكتار الواحد لم يدفع منها سوى القليل. ويوضح خبراء التنوع البيولوجي أن مجرد التفكير في مشروع مأمول إلى هذا الحد، ينطوي على مجموعةٍ كبيرةٍ من الصعوبات، ووفق علماء البيئة، إذا تمكن "مشروع إعادة تأهيل الغابة الساحلية" من تحقيق بعض أهدافه السامية، فهذا لا ينفي كونه يمثل اختبارًا مستمرًا لحدود مرونة الطبيعة وإمكانات علم إعادة تأهيل البيئة، إضافةً إلى قدرة المجتمع على الالتزام بما يتم التوصل إليه، وقد ركّز المشروع على إعادة تأهيل "غابة المطر" التي تمتد أيضًا على ضفاف مجموعة من الأنهار القاحلة، التي تحط الحيوانات المهاجرة فيها، وتضم الغابة كذلك ثروة بيئية ضخمة، تحمي قنوات المياه الطبيعية. وثمة هدف آخر من المشروع السالف ذكره يتمثّل في إعادة إحياء الثروات النباتية والحيوانية المذهلة في المنطقة، والتي تضم أنواعًا من الشجيرات، الأعشاب، الطيور، الخفافيش، الفراشات، الحشرات، الميكروبات، الثدييات، البرمائيات، والنباتات المتسلقة وغيرها، يُذكر أن الغابة التي تقع في ولايتي بارانا وساو باولو أحد أفضل وأوسع النماذج الممثلة الغابة الأطلسية البرازيلية، حيث يتكون هذا الموقع الطبيعي من خمس وعشرين منطقة محمية تمتدّ على حوالي 470000 هكتار تجسّد الغنى الحيوي لهذه الغابة والتطور الذي طال بقاياها، كما يتمتع هذا الموقع بمحيطٍ طبيعيٍ وافرٍ وخلاب، بدءًا بالجبال المكسوة بالغابات الكثيفة، والمناطق الرطبة، وصولاً إلى الجزر الساحلية بمرتفعاتها وكثبانها المعزولة.