تعانى معظم الدول العربية من ظاهرة العنوسة التي تأثرت وزادت بشكل طردي مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم العربي، وقد نمت أيضاً الظاهرة في ظل غلاء المهور خصوصاً في المملكة ودول الخليج، ولم تحدد الإحصائيات المتوافرة بدقة نسبة العنوسة في الوطن العربي ككل، وإن أشارت إلى نسب في البلاد العربية المختلفة، وتلك الإحصائيات تشير إلى زيادة مخيفة فى أعداد الفتيات والشباب الذين فاتهم قطار الزواج في سائر البلاد العربية بدون استثناء، وفي المملكة العربية السعودية تتداخل المعدلات المرتفعة لعمليات الطلاق مع زيادة ملموسة في نسبة العنوسة بين الفتيات وبخاصة الثريات منهن، والغريب أن منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة قد سجلتا أعلى نسبة للطلاق في المملكة وأن منطقة مكةالمكرمة بها أكبر نسبة من الفتيات العوانس مقارنة ببقية مناطق المملكة. فقد كشفت دراسة في سبتمبر 2010 أن عدد الفتيات العوانس في المملكة مرشح للتزايد من 1.5 مليون إلى نحو أربعة ملايين فتاة في السنوات الخمس المقبلة. كما أشارت دراسة بحثية أخرى حول العنوسة إلى أن 54% من الشباب الجامعي يرى أن مواصلة تعليمه الجامعي تقف عائقاً أمام الزواج أثناء الدراسة الجامعية، وأن النسبة العظمى من الشباب يفضلون مواصلة تعليمهم الجامعي على الزواج، كما أن ما يقارب من 60% من الجامعيين يرون أن المغالاة في تكاليف الزواج هي العائق الرئيسي أمام زواجهم، فضلاً عن أن 85% من الذين شملهم الاستطلاع اعتبروا أن المسئوليات المترتبة على الزواج تعد العائق الرئيسى أمام زواجهم، وأن غلاء المهور يعد أيضاً من بين العوائق الأخرى لتأخير الزواج، بحسب 75% من هؤلاء. وأفاد 44% من الجامعيين بأن قلة دخل أسرهم تؤثر على عزوفهم عن الزواج المبكر، في حين اعتبر 18% من الجامعيين أن عدم توافر السكن الملائم هو أحد الأسباب الرئيسة لتأخر الزواج نظراً لرغبتهم في الاستقلال بالسكن عن أسرهم. كما صدرت إحصائية سعودية رسمية في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 قد عرفت العانس بأنها "الفتاة التي تجاوزت 32 عاماً دون أن تتزوج"، أما في العام 2009، طالب باحث اجتماعي سعودي بتدريس مهنة "الخطاب والخطابة" في الجامعات السعودية لمواجهة الارتفاعات المتزايدة لحالات العنوسة. وبناءً على كل ذلك أطلقت جامعة الملك عبد العزيز بمدينة جدة تجربة هي الأولى من نوعها على مستوى الجامعات السعودية، وهي مشروع لتيسير الزواج يهدف إلى مكافحة العنوسة في المجتمع لاسيما في أوساط طلابها وطالباتها. وقد أكد القائمون على المشروع على أنه يهدف إلى محاربة العنوسة في المجتمع السعودي ومنع ارتفاع نسبتها بشكل ملحوظ، مما تطلب وجود برامج توعوية وتطبيقية تعمل على الحد من انتشار هذه الظاهرة السلبية في المجتمع، وأن الجامعة ستبدأ بطالباتها وطلابها ضمن هذا المشروع. وهو عبارة عن منتج تطبيقي لدراسة يمولها الوقف العلمي في الجامعة على شرائح مختلفة من المجتمع خلصت إلى ضرورة ممارسة جهود عملية للحد من هذه الظاهرة، وأن المشروع يهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف الرامية لحل هذه المشكلة، ومن بينها حث طلاب وطالبات الجامعة على الزواج المبكر كحل وقائي لظاهرة العنوسة، وإيجاد شراكة مجتمعية بين الجامعة ممثلة في الوقف العلمي وكل من رجال الأعمال والأسر السعودية والمؤسسات ذات العلاقة والجمعيات المتخصصة في الزواج. كما أكد القائمون على المشروع أن الوقف العلمي سيطلق مشروعاً توعوياً خلال الأسابيع المقبلة يهدف إلى توعية الطلاب والطالبات بضرورة الزواج المبكر بمشاركة عدد من جمعيات المساعدة على الزواج وشركات القطاع الخاص. يذكر أن برنامج الوقف العلمي في الجامعة هو برنامج ساهم في إنشائه العديد من المسؤولين في الجامعة ورجال أعمال، ويهدف إلى تقديم حلول عملية للمشكلات التي تواجه المجتمع، حيث يعمل على إعداد دراسات تطبيقية وعملية على شرائح المجتمع المختلفة.