في دراسة أجريت على 200 ألف شخص في أوروبا ونشرتها مجلة "لانسيت" الطبية ظهر أن الأشخاص المعرضين لضغوط كبيرة في العمل يزيد لديهم احتمال الإصابة بذبحة قلبية بنسبة 23% عن الذين لا يعانون من الضغط. وكانت دراسة سابقة أشارت إلى أن ضغوط العمل تساهم في الإصابة بأمراض شرايين القلب، وقد أثبتت الدراسة الحديثة هذا الارتباط من خلال تحليل واسع النطاق لأشخاص يعملون في سبع دول أوروبية تمت متابعة وضعهم الصحي وتوزيع عددهم بين الرجال والنساء، حيث ثبت أن هناك ما بين 100 إلى 120 ألف ذبحة قلبية تسجل سنويا في فرنسا. وقد تم تقييم الضغط النفسي الذي يتعرضون له في العمل من خلال استمارات أسئلة شملت العمل الزائد المطلوب والطلبات المتضاربة التي يواجهها الأشخاص والوقت المتاح لتنفيذ المهام المطلوبة منهم، وبلغت نسبة النساء المعرضات للضغط النفسي 15%. وأكد رئيس رابطة الأطباء المهنيين ببرلين على وجود علاقة واضحة بين الضغوط العصبية في مكان العمل وبين تزايد أيام الأجازات المرضية للعاملين بسبب مشكلات نفسية ترجع في الغالب إلى الضغط العصبي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ففي دراسة نشرت في كندا ظهر أن النساء اللواتي يعملن في مناصب متدنية ويعانين الإجهاد في عملهن معرضات للإصابة بالسكري أكثر بمعدل مرتين من النساء اللواتي يتولين مناصب رفيعة المستوى، وبخلاف الرجال تقوم السيدات بمواجهة الإجهاد باستهلاك كميات أكبر من السكر والمواد الدهنية، ولوحظ وجود علاقة بين درجة الاستقلالية في العمل وتوتر حالات السكري في أوساط النساء. كما اتضح أن الإجهاد في العمل يزيد احتمال الإصابة بالسكري من خلال ظاهرتين الأولى تتمثل في اضطراب الجهاز العصبي الصماوي وجهاز المناعة مما يؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من الهرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، أما الظاهرة الثانية فتكمن في تغير السلوك الغذائي وطريقة استهلاك الطاقة التي تشعرهم بالتعويض. وبعد متابعة أكثر من 7000 شخص على مدى تسع سنوات، لاحظ الباحثون أن نسبة حالات السكري المرتبطة بالإجهاد في العمل عند النساء تبلغ 19%، وتعد هذه النسبة أكبر من النسبة الخاصة بالتدخين والنشاط الجسدي ومستوى استهلاك الخضراوات والفاكهة. وللتخلص من إجهاد وضغط العمل الناتج عن يوم عمل شاق ينصح الأطباء بممارسة الرياضة موضحين أن هرمونات الضغط العصبي تتدفق إلى الدورة الدموية بشكل كبير في هذا الوقت، مما يستلزم مواجهتها بشكل سريع وممارسة الرياضة كفيلة بالتخلص من ذلك، بالإضافة إلى أن خلايا الإنسان تحتوي على نوعيات معينة من المستقبلات المسئولة عن مراقبة كمية هرمونات الضغط العصبي التي يفرزها الجسم وإذا زاد معدل إفراز تلك الهرمونات بشكل كبير فإن هذه المستقبلات تنذر بالخطر وتجعل الجسم يفرز إنزيماً معيناً لمواجهة تلك الهرمونات، وهنا تعمل ممارسة الرياضة على إثارة الجسم وتحفيزه على تكوين مجموعات إضافية للمستقبلات المسئولة عن مواجهة هرمونات الضغط العصبي والتخلص من الشعور بالضغط بشكل أسرع.