من البدهي أن كملة الاحتراف تعني التفرغ الكامل للحرفة أو المهنة التي نعني بها هنا كرة القدم وهي تعادل كلمة الحرفيين بالنسبة للمشتغلين بالمهن الأخرى .. وهنا يفترض أن يكون المحترف مؤهلاً لمزاولة مهنته من خلال تأهيله وإعداده الذي يستغرق العديد من السنوات لكي يصبح مهنيا محترفاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. وفي عالم كرة القدم نشاهد الكثير من الظواهر التي تطرح علامات الاستفهام والدهشة والاستغراب لكونها بعيدة كل البعد عن هذا المفهوم الاحترافي .. ونقصد بذلك التعامل بعشوائية مع الكرة من قبل لاعبين محترفين خاصة في اللحظات الحرجة والتي عادة ما تكون في المناطق الثلاث سواء كان هجوماً أودفاعاً. وإذا كنا نرى أن الطبيب على سبيل المثال محترفاً في مهنته وأي خطأ يقع فيه قد يؤدي إلى كارثة، فإن القياس على ذلك يكون بالنسبة للمهنيين المحترفيين مثل قائد الطائرة والمهنس المعماري .. بل وحتى المحاسب الذي يتعامل مع الأرقام حيث إن الخطأ في "صفر" يمكن أن يحول الآلاف إلى ملايين وبالعكس إذن .. لماذا لا يحاسب محترف كرة القدم على الأخطاء البلهاء التي يقع فيها والتي قد تؤدي إلى خسارة فريقه المباريات إن لم يكن لإحدى البطولات؟! اللاعب المحترف يصبح صوته عالياً عندما يُطالب بحقوقه المالية .. ولكنه لا يعاقب من قِبَل إدارة ناديه عندما يكون سبباً في خسارة فريقه، بل قد تختلق الأعذار والتبريرات من أجل تبرئته .. إنه منطق معكوس وغير مفهوم. إن مقومات الاحتراف الحقيقي تكمن في تطبيق اللوائح من حيث الثواب والعقاب دون مجاملة أو تفرقة بين لاعب وآخر.. خاصة فيما يتعلق بهؤلاء اللاعبين المدللين الذين يعتبرون أنفسهم فوق كل القوانين والأنظمة، وهناك من يساعدهم على ذلك. لقد أصبح من المألوف أن يهدر النجوم ركلات الجزاء بكل برود أعصاب، وحجتهم وحجة المناصرين أن أسطورة الكرة البرازيلية زيكو أهدر ركلة جزاء ونجم الكرة الإيطالي روبرتو باجيو تسبب في خسارة منتخب بلاده البطولة العالمية بإهداره ركلة جزاء في نهائي كأس العالم 94 أمام البرازيل. وإذا كان التعامل مع الأمور بهذا المنطق فلن ينصلح حال كرة القدم في بلادنا.. إذ لابد من الحزم والحسم وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وهذا ما أكد عليه الأستاذ منصور الخضيري في الحوار الذي أجرته معه الزميلة "النادي" حين قال دون مواربة بأن الاستمرار في تغليف الاحتراف بشكل مغاير عن وضعه الأصلي سيؤدي إلى تدهور الرياضية السعودية بما فيها كرة القدم، مشيراً إلى السر في تراجع مستويات فرق الأندية والمنتخب الوطني الأول في الفترة الأخيرة هو عدم تطبيق الاحتراف بحذافيره وقال الخضيري بالنص " أخذنا من الاحتراف المال والعقود فقط ولم نأخذ بالاحتراف الحقيقي المطبق في الدول المتقدمة.