إن الرغبة في التميز والوصول إلى أفضل النتائج في كافة الأمور الحياتية تُدخل الكثير من الفتيات في حالة من القلق والتفكير العميق حتى تصبح خارج دائرة السيطرة، إلى أن تقع فريسة للتحليل النفسي والانتقاد الدائم للذات بطريقة سلبية تصل معه في النهاية إلى طريق مسدود دون التعرف على أصل المشكلة. لقد أصبحت كثرة التفكير وباء شائع بين الفتيات إلى درجة يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بصحتها وجمالها وعلاقتها بالآخرين، بالإضافة إلى الخلط بين تراكمات الماضي وظروف الحاضر وربطها برؤيتها للمستقبل، الأمر الذي قد يؤدي إلى صراع مستمر مع الأفكار والتوتر الدائم. ويعتبر خبراء علم النفس أن استهلاك الوقت في تحليل أدق التفاصيل لكل الأمور كالمظهر العام والعلاقات مع الآخرين، وما يحدث في العمل هو جزء من تكوين الفتيات الفطري وسبب مباشر لتعرضها للضغط العصبي والقلق النفسي. حيث أشارت الإحصائيات إلى أن المرأة بصفة عامة تعمل أكثر من الرجل، ولكنها عندما تحاول الموازنة بين المسئوليات الواقعة عليها والنجاح في الحياة الاجتماعية، تتعرض للضغط العصبي ويزداد قلقها وتوترها فتدخل في دوامة التفكير المتواصل الذي يأخذها من موضوع لآخر لتسترجع كل الأحداث والمواقف السيئة التي تعرضت لها خلال يومها وتربط بينها وبين الذكريات السيئة المترسبة في عقلها الباطن، ووصفتها بأنها مخلوق لديه استعداد فطري للتفكير بطريقة سلبية، فهي تعرف نفسها دائماً وتحللها وفقاً لطبيعة علاقاتها بالآخرين ومدى نجاحها فيها، كما أن مقدار احترامها لنفسها يتحدد وفقاً لما يظنه الناس عنه، ونظرتها لنفسها تشكلها نظرة الآخرين إليها، لذا فإن أقل تغيير في سلوك الناس معها قد يقلقها ويضعها تحت وطأة الضغط العصبي. وقد أشار خبراء علم النفس إلى أن هناك ثلاثة أنواع من التفكير المجهد فهناك من هن مدمنات المذكرات والقوائم، وأخريات قلقات بشأن آراء الآخرين فيها، إضافة إلى القلقات بشأن المستقبل والخوف من المجهول. فإذا كنت من النوع الأول المعتمد على المذكرات والقوائم، حتى في الإجازات يمكنك جدولة وقت قصير، لعمل قوائم خلال يومك، قومي بتخصيص عشر دقائق كل صباح لإعداد مذكراتك، لكن بعد ذلك توقفي عن عمل قوائم بقية اليوم وخاصة قبل نومك، وإذا كنت شجاعة وكنت تعانين من الإجهاد في التفكير، جربي أن تقضي أسبوعاً كاملاً بدون قوائم وستكتشفين أن عقلك يقوم بتذكرتك بالقيام بأشياء بطريقة طبيعية، فالتدريب هو عدو التفكير المجهد، لذا قومي بعمل شيء يحتاج إلى تفكيرك الكلي، ليصبح عقلك بعدها سجل أعمال نظيف خلال قيامك بالأنشطة الممتعة. أما إذا كنتِ من أصحاب النوع الثاني فالأنشطة هي علاجك مثل القيام بالأعمال المنزلية البسيطة، وقومي بتغيير طريقة تفكيرك وغيري من مظهر غرفتك التي تفكرين فيها وستلاحظين انفصال عقلك عن التفكير المجهد. أما التي تنتمي إلى النوع الثالث فيمكنها رسم علامة stop"" على الوسادة وطباعة الكلمة فوقها، كما يمكنها بدلاً من ذلك شراء علامة التوقف من أي محل لعب أطفال ووضعها على مكتبها أو في حقيبتها، لتعمل كرمز يشير إلى العقل بأن يبطئ من التفكير، وذلك بالإضافة إلى كلمة "No" أو "don't" فإن 90 % من اللاتي يعانين من التفكير المجهد يثبتن أن البوح بالمشاكل لصديق موثوق به يساعد كثيراً. وبصفة عامة فإن محاولة تغيير الاهتمامات والانتباه نحو شيء آخر سيساعدك في التخلص من كثرة التفكير، بالإضافة إلى اعتنائك بنفسك وصحتك فعندما تكونين في حالة مزاجية سيئة أو تشعرين بالإحباط دون سبب محدد فلا تضخمي الأمر، فقد يكون السبب في ذلك بسيطاً كأن تكوني جائعة ومرهقة أو أنك لم تأخذي قسطاً كافياً من النوم، ولتشعري بالتحسن حاولي النوم مبكراً وتناولي طعاماً صحياً فالاعتناء بالصحة سيجعلك تشعرين أنك أقوى وأفضل بكثير وسينعكس ذلك على طريقة تفكيرك وتعاملك مع المشكلات التي تتعرضين لها.