التنجيم، وقراءة الطالع، وضرب الودع ظاهرة سيطرت مؤخراً على الشباب العربي والتي تسعى لتغييب الوعي والإيمان بالخرافات، وعلى الرغم من أنها ظاهرة ليست وليدة اليوم إلا أنها احتلت مكاناً بارزاً في حياة أغلب الشباب لدرجة أنهم يبنون حياتهم ومستقبلهم بناءً عليها، فضلاً عن هذا الكم الهائل من الكتب التي تهتم بشئون السحر وقراءة الكف والتي حققت أرقام مبيعات خيالية. وكشفت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن منظمة اليونسكو أن هناك 500 مليون كتاب توزع كل عام - على المستوى العالمي - من كتب السحر والتنجيم وقراءة الطالع. لقد نقل العرب فنون التنجيم - منذ قديم الأزل - من الإغريق والهنود والفرس والفراعنة، وكان "أبو معشر" من أشهر خبراء التنجيم في القرن التاسع الميلادي، بينما في الغرب اشترك العامة والمثقفون في الاهتمام بالتنجيم، وقد اعتمد الكثير منهم على قراءة الأبراج والكف والفنجان، وهو ما يتجلى بوضوح من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية التي تضج بالإعلانات عن مؤسسات التنجيم. أما قراءة الفنجان فهي عادة مألوفة وشائعة بين تجمعات النساء في البيوت ومن جميع الفئات الاجتماعية، فغالبا ما تجتمع الجارات حيث تقوم إحداهن باستطلاع الرسوم التي تتركها آثار القهوة وتفسيرها كما تراها، وبمرور الوقت تصبح مهنة تحصل بها على مقابل منهن. أما قراءة الكف فيعتقد الكثيرون أنها علم غير قاصر على الوطن العربي فقط وإنما هو معروف في العالم أجمع، فهو يدرس في الجامعات اليابانية والصينية وبعض الجامعات الأمريكية تحت اسم "البارابسيكولوجي". ويقول من يعتمدون على هذه الوظيفة إن تاريخ كل إنسان يكتب مفصلاً على جسده خصوصاً على الكف والجبين والقدمين في شكل خطوط ورموز، ويستطيعون فكها تمكناً من معرفة كل شيء انطلاقاً من الحياة الشخصية والأمراض التي سيتم التعرض لها وطول أو قصر العمر وكل ما يرتبط بالحياة الدنيا. ويكشف أغلب المختصين في علم النفس والكثير من المحللين أن تلك الحالة التي تدفع الشباب إلى اللجوء للودع والحظ هي نابعة من حالة الفراغ والفقر والبطالة وفقدان الثقة بالمستقبل، حيث كل ذلك يدفع الشباب لاتجاهات غير منطقية للهروب من الواقع المؤلم أو حيل نفسية لتبرير التواكل وربط مستقبله بأمور غيبية خارجة عن إرادته. أما علماء الدين فقد أكدوا أن كل هذا بدعة، لا صحة له وهو دجل وكذب وافتراء، كونهم يدعون علم الغيب بأشياء أخرى غير هذا كذب، وإنما يعتمدون على ما تقول لهم أصحابهم من الجن، فإن بعضهم يستخدم الجن ويقول ما تقول له الجن، فَيَصْدُقون ويكذبون، يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان أو استرقوها من السمع، ويكذبون في الغالب ويتحايلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل. ويشيرون أيضاً إلى أن قراءة الكف والأحلام لا يصح الاعتماد عليها، وأن الدجالين في هذا العصر الحديث اختلقوا كلمة الفلك بدلاً من الدجل والشعوذة عندما وجدوا أنهم مفضوحون أمام العامة؛ لأن علوم الفلك من العلوم الطبيعية التي لا تعرفها الأكثرية الساحقة.