إذا كانت البدانة عند الكبار مشكلة فإن البدانة عند الأطفال تعتبر مشكلة معقدة أكثر منها، لأن الشخص البالغ يمكنه أن يلتزم بنظام غذائي معين أو برنامج لممارسة التمارين الرياضية، بينما الطفل الصغير لا يستطيع بسهولة الالتزام بما يفعله الكبير. والبدانة عند الأطفال من المشاكل الصحية الشائعة التي تساهم الدول الغربية فيها، فقد غزت مطاعمها عقول أطفالنا لأن الوجبات التي تقدمها مطاعم الوجبات السريعة غنية بالسعرات الحرارية، وتساعد على تراكم الدهون, وللأسف فإن الأم تعتقد أن اكتناز جسم الطفل بالدهون هو دليل على الصحة، فالطفل البدين هو مثال الطفل الجميل الذي تحلم به كل أم عربية, وللأسف لا تعلم تلك الأمهات أنهن يضعن أولادهن على أول درجة من سلم السمنة الذي يزداد بشكل مطرد ليصبح مرضاً ينبغي علاجه. ولهذا فإن من واجب الأم مساعدة الطفل على التخلص من الوزن الزائد من أجل تجنب المخاطر الناجمة عنها، والمتمثلة بأمراض عديدة وخطيرة. والعديد من الإحصائيات اليوم تدور حول السمنة ومخاطرها على الصحة العامة، ومن بينها تلك الإحصائية الأخيرة التي تؤكد أن الصبيان والمراهقين يخسرون المعركة مبكراً بسبب البدانة، وأن المراهق ذي الوزن الزائد عادة ما يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وهو عرضة للإصابة بأمراض القلب وغيرها أربعة أضعاف مقارنة بالمراهق ذي الوزن العادي. وهذه الإحصائيات الجديدة أعلن عنها مركز السيطرة على الأمراض في أمريكا، ونشرتها وكالة الأسوشيتدبرس أواخر شهر مايو المنصرم, وبحسب هذا المركز، فإن "نصف المراهقين يعانون من زيادة الوزن، وقياس غير صحي في ضغط الدم، والكولسترول أو مستوى السكر في الدم الذي يعرضهم لخطر النوبات القلبية في المستقبل، وغيرها من مشاكل في القلب". وتقر الأبحاث الجديدة بوجود نسبة أكبر من المراهقين الذين يعانون من السمنة المفرطة ويواجهون مثل هذا الخطر، ويؤكد العلماء بالقول: "إننا نخسر المعركة في وقت مبكر مع العديد من الأطفال". وهناك العديد من الخيارات التي لا تزال متاحة أمام الأمهات للمحافظة على صحة أبنائهن, فليس صحيحاً أن الصحة تأتي مع زيادة الأكل، بل تأتي بتنظيم الأكل ونوعيته, وتجدر الإشارة إلى أن حمية الطفل الغذائية لا تعني بحال من الأحوال حرمان الطفل من تناول الطعام أو تجويعه؛ إنما تعني بشكل أساسي تعديل نمط تغذيته تدريجياً، فقد يكون صعباً منع الطفل من تناول الحلويات أو المعجنات أو الأطعمة الجاهزة كالشيبسي والمشروبات الغازية وغيرها، ولكنه لن يكون صعباً التخفيف من كمية هذه الأطعمة والمشروبات واستبدالها بالأغذية المفيدة التي تحافظ على صحة الطفل وتقيه من الأمراض. فإذا كان طفلك يعاني من البدانة، فعليك اتباع ما يلي: - الطفل لا تأتي قرارات أكله منه شخصياً، إنها ثقافة يتم زرعها في البيت؛ لذلك فإن مسئولية ما يأكله طفلك تقع على عاتقك أنت تحديداً، والأفضل أن تختاري له ما يساعده على العيش بحياة صحية خالية من الأمراض. - ضعي مخططاً للأكل الصحي الذي يتناوله طفلك كل يوم، ونوّعيه خلال الأسبوع. - احرصي على إدخال أنواع الخضار والفواكه والحليب ومشتقاته والسمك والبيض والحبوب الكاملة في طعام ابنك، وعوديه على تناوله يومياً. - ابتعدي قدر المستطاع عن أكل الوجبات السريعة، وكوني قدوته في الأكل الصحي، ونظمي وقت ونوعية أكله. - خصصي لأطفالك وقتاً للرياضة، في الحديقة، أو ركوب الدراجة الهوائية، أو السباحة، ممارسة كرة القدم، أو غيرها من الأنشطة الرياضية التي يجب أن يعتاد عليها الطفل؛ لحرق السعرات الحرارية الزائدة، والسماح لجسمه أن يكون أكثر مرونة. - ابتعدي في طعام ابنك عن السكريات البسيطة، والدهون، واعتمدي في تغذيته على الوجبات المفيدة فقط. - تذكري ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"؛ فالأمراض التي قد يكتسبها ابنك بسبب بدانته قد تكوني أنت المسؤولة عنها. - يمكنك أن تمنعي ابنك من لعب البلاي ستيشن، أو مشاهدة التلفاز، أو الخروج إلى الشارع، لذلك لا تعتقدي أنك "غير قادرة على جعله يأكل أكلاً صحياً".