إن جوهر الإسلام يؤكد على الانتماء الذي يمتاز به السلوك الإنساني السوي ، حيث الشعور بالمسؤولية وإدراك النواحي الحسية والاهتمام الحقيقي بالتواصل المعنوي وسرعة الاستجابة للدوافع الأساسية التي تحقق النمو النفسي والاجتماعي السليم .. هكذا هي أسرة الإسلام تجعل من المؤمن أنموذجاً رائعاً يجسد التفاني والإخلاص اللذان يسكنان العقول قبل القلوب ، ويُنيران الصدور قبل الدروب ، ويمنحان الحياة بهجة قبل أن تغادر البسمة تفاصيل الوجوه ، بالحب نحيا وبالأمل نعيش وبالعطاء الصادق نعطر الوجود .. بكل معنى من معاني العطاء وبكل وفاء وإخلاص وبكل فخر واعتزاز يؤرخ السعوديون إنجازاتهم في سجل التاريخ الإنساني وعلى صفحات الحدث الإسلامي وبين أسطر الزمان والرقي الأخلاقي .. حيث تأتي الاستعدادات لاستقبال ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام وتهيئة سبل الراحة لهم على قمة هرم الخدمات التي تشرف بها ابناء هذا الوطن المعطاء .. بدايةً .. من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ،حفظه الله، الذي يحمل بين أضلعه قلباً يتسع للعالم بأسره ، فهو من وهب نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين بكرمه وعظيم إحسانه .. ومروراً بأبناء وبنات هذا الوطن الذين يبذلون كل ما بوسعهم لخدمة ضيوف الرحمن وتوفير الراحة لحجاج بيت الله الحرام ، فقد حملوا على عاتقهم شرف خدمة الإسلام والمسلمين ووسام الإخلاص لله وسواعد المسؤولية تجاه الوطن. وانتهاءً بحكومة خادم الحرمين الشريفين وكافة القطاعات الحكومية والمؤسسات الأهلية التي تتلاحم إلى جانب القيادة الرشيدة لتصل إلى القمة بعد توفيق الله عز وجل والجهود المباركة التي تفوق قدرات النجاح إلى التفّوق ، في تجمع حشود من مختلف بقاع الأرض يؤدون المناسك في يسر وسهولة كانت أمامهم مشيئة رب العباد وخلفهم الجهود الجبارة والتعاون المثمر والدقة والتنظيم والإدارة المتميزة لكافة الخطط من أجل الأمن والسلام لضيوف بيت الله الحرام. ولا يخفى على الجميع الجهود الجبارة والإمكانات الضخمة المسخرة لتنفيذ مشاريع التوسعة وتطوير المنطقة المركزية المحيطة بالحرم التي تركت بُعداً معمارياً شامخاً في مساحات التقدم والحضارة .. وكما أن الإيجابيات تؤتي بثمارها في المستقبل كذلك فإن للسلبيات أبعاداً أخرى تجعل المرء في حيرة من أمره !! فما تكاد تقف عند أول إشارة مرور في مدخل مكةالمكرمة إلا وأحاط بك المتسولون باختلاف أعمارهم وأحجامهم من رجال ونساء وأطفال وكان الواجهة والاستقبال الحافل للضيوف يبدأ من هنا !! حيث التسول في أول خطوة إلى داخل مكة !! ومن أراد أن يتجول قليلاً في شارع الستين وشارع أم القرى وشارع المنصور والنزهة والزاهر سوف يتعجب من البسط على الأرصفة وكثرة الباعة رجالاً ونساء دون حسيب أو رقيب وكأن الزحام البشري ديدن تلك الأماكن !! وفي حي الشوقية التي أصبحت تكتظ بسكن الحجيج بالقرب من مطاعم الوجبات السريعة تشاهد عمال النظافة يقفون بجوار تلك المطاعم لعل أحد المارة يهبه وجبة طعام أو يتصدق عليهم بريال !! أتساءل أين الجهات المسؤولة عن هكذا ظواهر سلبية !! ترسخ في أعماق من يزور وطننا الحبيب !! مشاهد لا حضارية !! إن هكذا وقفات تعطي انطباعاً لدى الزائر وبأن لا أنظمة تردع هؤلاء!! ولا تعليمات تتطبق حيال تلك العشوائية !! وكأن من يقطنون بها جياعاً يتلحفون العراء! لقد كنت منذ أشهر قليلة في زيارة قصيرة لمدينة دبي لم أذكر أنني صادفت متسولاً يقف عند إشارة مرور أو بائع يفترش الأرض !! كذلك الحال في مملكة البحرين ودول مجاورة أخرى ذات إمكانات بسيطة لكن منظومة العمل بها تحترم القوانين وتطبق النظام.. إن كافة الأجهزة في الوطن الحبيب تتفانى في العمل الدؤوب لتبعث رسالة إلى العالم بأسره تُجسد الرقي الأخلاقي والفكري والحضاري !! فما بال المسؤولين عن تلك الأعمال ؟؟ ماذا ينتظرون ؟؟ هل القضاء على الظواهر السلبية أمر يصعب على المسؤول؟؟ أم أن التنفيذ قائم بعد انتهاء الموسم حيث تتكاثر الحلول !! نتمنى نجاح موسم حج هذا العام كما الأعوام السابقة التي يتوج فيها الزمن الإنجازات السعودية التي تسطع في سماء الإسلام والسلام والإنسانية وتترك في أعماق النفوس أبعاد الأمن والأمان ويثمر العمل بحصاد الجهود المخلصة على جميع الأصعدة وفي كل الاتجاهات أعظم معاني التفاني والعطاء.. قطر : في مكة .. الصدق والعطاء ابتغاء مرضاة الله بعيداً عن المن والأذى.