عرفات الله .. رحلة روحانية يضع فيها الانسان الدنيا بأكملها، وبكل ما فيها خلف ظهره .. ويتوجه في رحلة الى الله تعالى طلباً للتوبة والمغفرة. وفي يوم وقفة عرفة يقف اكثر من مليونين من البشر يبتهلون الى الله ان يعم الخير والسلام على العالم أجمع، وأن يتمكن البشر في كل مكان من العيش بكرامة وحرية. والوقوف بعرفات يمثل شهرا عظيما يمثل ارقى آيات الايمان بقوة العقيدة الاسلامية وروح الاسلام وعباداته السامية. فالحج أحد أركان الاسلام وفريضة يتحتم تأديتها لمن استطاع اليها سبيلا وهو أمنية لكل مسلم يتوق دائماً الى تحقيقها. ففي مثل هذا اليوم العظيم (يوم عرفة) يستحضر الانسان قيمة العمل فالعمل الصالح، والكلمة الطيبة، وكل ما ينفع الناس، يمكث في الارض كالشجرة العميقة الجذور، والعمل الجيد، المتقن، المرتكز على العلم والدراسة بأصول قواعد الصناعة، هو أساس الحضارة الحديثة. ومثل هذه الامنية تنطوي على الكثير من التسامح، والاحترام للآخرين بصرف النظر عن اعراقهم، وأجناسهم، والوانهم وعقائدهم والحق ان احترام الاسلام لقيم وعادات وتقاليد المجتمعات الاخرى التي فتحها المسلمون كان له الدور الرئيسي في انتشار الاسلام في كثير من المجتمعات. وهذه المعاني كلها هي ما تحتاج اليه البشرية كافة وليس المسلمون وحدهم ولعلي اقول في هذه الناسبة ان تنقل وقائع هذا المشهد العظيم لوقفة عرفات على قنوات التلفزيون الدولية والعربية والاسلامية انما يعتبر توجهاً اعلامياً لنقل هذا المشهد العظيم ليوم عرفات الى المجتمع البشري الانسان الذي تسري في داخله حركة تعتمل وتضطرب وتغلي وتفور في اعماق الوجدان الانساني كله، بل وفي اعماق الضمير البشري عموماً، تبحث عن معنى جميل وتبحث عما يكسب الحياة الانسانية معنى وجودي وفائدة قد تفتح ابواب الحوارات بين الامم والشعوب. لكل ذلك ان الوقوف بعرفات موسم سنوي يجري في وقت واحد وفي مكان واحد.. وهي عبادة لها اسهام اساسي في توحيد الانسانية التي مزقتها القوميات واللغات والوطنيات والمصالح والصراعات. فهذه العبادة ونقلها الى العالم الانساني عبر الفضائيات ستعطي المشاهدين حول العالم بانها عبادة تتكفل باصلاح كل السلبيات التي نراها سواء في العلاقات الدولية اوفي العلاقات بين الشعوب او الحضارات او الثقافات. هذه هي القيم الاسلامية في يوم عرفة ، ما احوج العالم اليها لكي يعمل بها في علاقاته المعاصرة فيتغير عما هو عليه ويصير الى الاحسن والافضل بإذن الله. فلندع الله جميعاً أن ينصر الاسلام بالواقفين على صعيد عرفات وبالراكعين الساجدين في كل مكان، وان يرفع البلاء عن هذا العالم المضطرب ليحل السلام والامن وراحة البال على الانسانية جمعاء .. انه سميع مجيب.