ما الذي يجعل الإنسان يعيش سعيداً ، و ما الذي يجعله يُعمّر طويلاً حتى بعد موته ، لقد عاش أناس أمواتاً بيننا ، وهناك أناس سيعيشون حتى بعد موتهم ، وذلك من خلال بقاء ذكراهم إلى الأبد ، فما السر وراء ذلك؟! السر هو في حب العطاء والتضحية من أجل الآخرين ، إنه سر خطير إذا لامس قلب إنسان وجوارحه جعل منه رجلاً عظيماً ، وذلك هو سر الدكتور عبدالرحمن السميط،رحمه الله ، إنه أنموذج فريد للعطاء دون مقابل دنيوي ، إنه أنموذج للتضحية . لقد تعلمنا منه أن في بدايات الحياة لابد من أن نختار الصبر والجلد ، فقد اختار أن يدرس في الجامعة الأصعب في زمنه حين سمع الناس يتحدثون عنها ، ولقد رسب في جميع المواد في السنة الأولى ، ولكنه تخرج منها بعود صلب ، وهذه البدايات والتحديات جعلته أقوى في طريق الحياة. لقد تعلمنا منه أن الحياة قضاء وقدر، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، فقد تعرض في حياته لعدة محاولات اغتيال في أفريقيا من أشخاص معادين للإسلام والإنسانية ، لأنه كان يساعد الناس طبياً ، ويساعدهم روحياً بمحاولة إخراجهم من الظلمات إلى النور بدعوتهم للإسلام. لقد تعلمنا منه الصبر على معوقات الطريق من أجل هدف سامي ، فقد كان ولأكثر من ربع قرن يدعو إلى الإسلام ، لا يحيد عن الطريق ، ولا ييأس ، بل كان نبراساً وعلماً للصمود والثبات على الطريق ، فرحمه الله رحمة واسعة. لقد تعلمنا منه أيضاً أن اللذة ليست في رغد العيش بين الأرائك ، ولا القصور والسيارات الفاخرة ، ولا الجو والماء البارد ، والذي كان بمقدوره أن يحصل عليه كله ، ولكنه كان يعلم يقيناً أن السعادة واللذة في الدارين هي العطاء ثم العطاء ثم العطاء. لقد تعلمنا منه أن نترفع عن شهوة وحب المال ، وذلك ليس بالأمر الهين اليسير ، بل هو شاق لأن الإنسان جبل على حب المال ، فقد قال سبحانه و تعالى :" وَتُحِبُّونَ الْمَال حُبًّا جَمًّا " ولكنه ارتفع وحلق عالياً عن كل أموال الدنيا التي كانت بين يديه ، فلم يلمسها ولم يتأول الحجج لنفسه ليأخذها ، بل كان يبذلها بنفس سامقة للإسلام وللدعوة ، فقد كان أمين النفس واليد. تعلمنا من سيرته دروساً حقيقة تمشي على أرض الواقع ، وليس مجرد تنظير أمام الشاشات ، ولكن تلك سنة الحياة ، فالحياة يأتي بعدها الموت لا محالة ، وقدم لحياته القادمة ، ونسأل الله أن يتقبل منه أعماله ، ونسأل له المغفرة والرضوان. [email protected]