رحمك الله يا أبا عبدالعزيز..فارقتنا لكنك باق حياً بيننا وستبقى بإذن الله..حقاً وإيماناً، يقيناً وتسليماً: إنا لله وإنا إليه راجعون..ففي الأسبوع الماضي فقدتُ والكثير من الناس معي الرجل النبيل والقلب الحي الكبير أخانا الأستاذ (خالد بن عبدالعزيز الفهد) من أسرة آل فهد بعنيزة، الذي وافاه الأجل المحتوم في ألمانيا بعد مرض لم يدم طويلا، حيث تألم كثيراً وأسرة آل فهد بعد وفاة أخيه الأستاذ عبدالرحمن قبل عام، فرحمهما الله رحمة واسعة. لست أعرف كيف أبكيهما، ولا أصف بعض ما تركا بعدهما من الإجلال لهما، والتقدير لذاتهما، وكأني بهما القائلان : الناس صنفان موتى في حياتهم.. وآخرون ببطن الأرض أحياء أم هما القائلان : فاصنع لنفسك قبل موتكَ ذكرها.. فالذكر للإنسان عمرٌ ثان نعم لقد صنعا ذلك لنفسيهما في صور كثيرة من سلوكياتهما الفردية، والأسرية، والاجتماعية، والوطنية، وعاشا ملتزمين بأمور الدين، متمسكين بقيم الإسلام، محافظين على حسن صلتهما بربهما، مؤديين حقوق الله عليهما، مخلصين في أدائها ؛ فنالا وسام الشرف والعزّة، وثقة الناس أجمعين، وتقدير كل من عرفهما من قريب أو بعيد، ولقد كانا في حياتهما على خلقٍ عظيم، يمثلان آداب فن التجارة الإسلامية بكل صورها: أمانة في التعامل، صدقاً في الأخذ والعطاء، قناعات مالية جعلت أعمال شركة الأسرة التي يرأس مجلسها أخوهم الشيخ الجليل فهد بن عبدالعزيز-أطال الله عمره، في قمة التعاملات، باستغلال أفضل السبل للثروات، فأصبحت مكانتها التجارية والاقتصادية، رمزاً نظيفاً، ومثالا يحتذى به. وإن كان الموت وهو قدرٌ محتوم نؤمن به جميعا، قد غيبهما عنا، فإنّ خصالهما، وطيب تعاملاتهما، وما كانا يدعوان إليه من كريم السجايا والسمت والأناة، فهي باقية ولله الحمد، في أبنائهم وأحفادهم، بل في مجالسهم، وهي الحزينة هذه الأيام بالأوجاع واعتصارات الأسى في القلوب والنفوس على فراق الحبيب خالد. وعزاؤنا فيك يا أبا عبدالعزيز..إنك سريت بنبيل سماتك، وكريم شمائلك، وجميل فعالك، بل إنك كنت فذاً في تسامحك وتواضعك، وفي طيب معاملاتك مع الناس أجمعين، سواء من لك به صلة أو حتى عابر طريق، فصنعت لنفسك موقعاً دائما في الأرواح، وذكراً دائم الحديث عنه في المجالس، رحمك الله، وجعل الجنة مستقرّك ومأواك. وأقول لأخوتك وأهليك وأبنائك وكل الذين يوجعهم فراقك : اصبر لكل مصيبةٍ وتجلد.. واعلم بأن المرءَ غير مخلد وإنك يا خالد بإذن الله تعالى..مع الصدّيقين والأطهار جزاء أفعالك النقية المخلصة لله، وثمرة واسع رصيدك الكبير من حب الناس وتقديرهم لك والله هو الحي الدائم وحده، "إنا لله وإنا إليه راجعون".