في حياتنا اليومية الكثير من المواقف والأحداث التي تمر بنا ونمر بها، فمنها ما يجب أن نقف أمامه ونتأمله، وهناك الكثير منها الذي يجب أن يمر علينا دون حتى الالتفات إليه، وهنا تكمن المشكلة وتختلف العقول والنفوس، فهناك من البشر الناضج العاقل الذي يمرر توافه الأمور وصغائرها بسلام، دون جلبة للمشاكل أوتكبيرها وتهويلها، وهناك العكس تماماً، فتجد الموقف الذي لا يستدعي أن تذكره يكبر، ويكبر حتى يصبح مشكلة كبيرة تحتاج إلى حل وقد يتدخل آخرون لحلها، وأقول لهؤلاء الأشخاص: ألم تسمعوا بثقافة اسمها ثقافة التطنيش؟ الهدف من هذه الثقافة أن تعيش حياتك بدون منغصات وبدون مرض السكر والضغط والقولون ومرض الأعصاب، فقد قال أحد الصالحين: طنش تعش تنتعش، وهذه حقيقة علمية، فإذا تحدثت مع أكبر الأطباء عن أسباب أكثر الأمراض انتشاراً سيطلب منك أن لا تأخذ كل الأمور على أعصابك وأن تكون هادئ البال لا تكترث لكل الحوادث التي تمر بك. ومع أن هذا المطلب صعب المنال في هذا الزمان المليئ بالمنغصات والأحداث التي تجعلك بدون أن تشعر مشدود الأعصاب، إلا أننا يجب أن نأخذ هدنة مع أنفسنا وأن نرحمها فالنفس لها حق علينا، كما أمرنا رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ومن حقها علينا أن نهدأ وأن نتعلم أن لا نقف عند صغائر وتوافه الأمور، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم فلنتعلم الرحمة مع أنفسنا، فستجد في هذه الحياة من يقف بجانبك يرفع من روحك المعنوية وستجد أشخاصا آخرين وبدون سبب واضح من يتحدث عنك بسوء أو يذمك أويسبك فماذا تفعل؟ الحل أن لا تقف كثيرا عند هؤلاء، وكن كالنخلة إذا رماك حاسد أو كاره بحجر ارمه بالثمر.وهذا هو الفرق بين العاقل والتافه الذي يتصيد الأخطاء، وهو لا يعلم أنه بذلك أيضا يتصيد الأمراض وقلة النوم وعدم الاستقرار والكآبة والحزن، فأجمل وأنفع علاج لكل ذلك هو التطنيش.وهناك الكثير من السيدات، منهن من تقف عند كل كلمة لزوجها، ولا تمرر له هفوة، بل تكبر الأمور لأقصى درجة لمجرد كلمة قالها وقت ضيق أو عصبية، وتقوم الدنيا ولا تقعدها، وكأن حرباً قد قامت، وأحيانا يتحول صديق الأمس بين لحظة وأخرى إلى عدو لدود لمجرد كلمة عابرة أو غلطة غير مقصودة، وفي أحيان أخرى بيوت تخرب وزوجات تطلق، كل ذلك لأننا نقف عند التوافه من الأمور، لا نتقن ثقافة التطنيش والعمل بالآية الكريمة التي تقول (خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين) ما أجمل أن نقول للتوافه سلام، لا وقت لدينا للاكتراث بكل كلمة، فلنستثمر كل دقيقة من أعمارنا في العمل الصالح النافع الذي نجني من ورائه الخير لأنفسنا وأولادنا وأهلنا وأوطاننا، عندما نقول: إن الوقت من ذهب هذه حقيقة يجب أن نضعها نصب أعيننا، يجب أن نقدر الوقت أعظم تقدير، لأن الدقيقة التي تمر لن تعود مرة أخرى فلنعمل ونعمل ولا نقف كثيراً أمام التوافه، حتى نتقدم ونصبح في المقدمة لقوله تعالى" فقل اعملوا فسيرى الله عملكم" واتقوا الله في أنفسكم ودع الخلق للخالق، وقل دائماً "حسبي الله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.