يركض عدد كبير من القراء المثقفين خلف الادب الوجداني الجميل الذي يدخل الى القلب ويشعل الحنين في الصدور ويضيء الجوانح بالاشواق ويمضي على مشاوير الهتافات الزاحفة صوب العواصف الساكنة النبض.والأدب الوجداني يحتاج دائما الى كاتب مفعم بالأحاسيس الجميلة .. والمشاعر المرهفة .. وأن يملك الإثراء اللغوي الكافي ليبني امبراطورية من الكلمات المدهشة.. والعبارات التي تتوسد القلب والعين.. وتهمي على الأسماع أنساً .. وطيبا.. وبلا جدال فاإن مصطفى المنفلوطي.. ومصطفى صادق الرافعي وجبران خليل جبران ونزار قباني .. وغادة السمان وعبدالله جفري رحمه الله, وعدد من الأدباء كانوا هم وراء الأدب الجميل .. الذين صنعوا لأنفسهم اجيالاً من القراء عشقوا هذا اللون.. وظلوا يركضون خلفه ويتابعون القامات العالية المبدعة. الزميل الكاتب الاستاذ عبدالله جار الله المالكي فاجأنا مؤخراً بمؤلفه الجديد - الحب كله - وقد تناولته بلهفة لأعرف ما دخل عنوان الكتاب بالقضايا الرياضية على اعتبار أنه أحد الكتاب الرياضيين المشهود لهم بالكفاءة والنقد المتوازن.. ولكنني فوجئت ان الكتاب لا صلة له بالرياضة والرياضيين فهو كتاب انيق غني الاختيارات المدروسة والواعية من عيون الشعر القديم والحديث مما يملأ النفس بهجة وحبوراً.. وهو يأتي في نطاق الكلام الوجداني المضمخ بالمسك والعنبر.. وهو غشقة من الاحلام والاسواق .. ومن قاموس الإمبراطورية الجميلة التي تعشقها الاسماع وتهفو لها القلوب.. وتحن لها المشاعر.. وعلى الرغم من حياة العسكرية التي عاشها الزميل الحبيب عبدالله المالكي ورغم كثافة شنبه التي تدل على صرامته.. وقسوة تعامله مع الظروف الحياتية الا أنه بدأ في هذا الكتاب المرهف.. والجميل أكثر جمالاً.. واشتعالاً مع الحب.. وأهل الحب .. فكان موالاً حنوناً.. وغشقة مطر مثقلة بالنماء .. والرواء.. لقد أشجى المالكي قراء كتابه الجميل بحزمة اختياراته الرائعة من الشعر .. وكأنه المايسترو الذي يختار لانغامه الجمل الموسيقية الحلوة .. والتوزيع الموسيقي البهي.. فتأتي الأنغام حلوة وشهية. كنت اتمنى فقط ان يقدم لنا المؤلف الواناً من الابداعات النثرية الوجدانية .. فالحلو من الأدب الوجداني ليس كله شعراً بل هناك الوان من الابداعات النثرية الرائعة.. يقول الشاعر الكبير الذي لن يتكرر نزار قباني عندما سئل : كيف استبدل الوردة بالسكين فأصبح يكتب شعر الحرب بدلا من شعر الحب " (يصل عجبي حد السخرية من بعض الأغرار الذين يجيزون للشاعر أن يدخل أرضاً ولا يطأ اخرى.. انا لست باباً خشبياً ولا حجراً ملقى على كتف الطريق, أنا قطرة زئبق تأخذ في كل ثانية شكلاً وموضعاً.. وقادر أنا أن أكون في كل الساحات والواحات معا.. بيد فدائي حيناً وعلى كف امرأة جميلة حيناً آخر). مبروك للزميل الحبيب عبدالله جار الله المالكي على انضمامه الى جحافل العشاق.. والأشواق.. وأقول ما قاله مقدم الكتاب أخي الصديق الدكتور عدنان المنهال فرحت بهذا الكتاب الذي أرى أنه أشرقت به شمس الثقافة وخيالات الشعر وعواطفه والروايات والحكايات بكل ورودها وزنابقها وشيحها وحنائها والدفلي والدحنون). آخر المشوار قال الشاعر: أبعتذر.. عن كل شيء الا الهوى .. ما للهوى عندي عذر أبعتذر .. عن كل شيء الا الجراح .. ما للجراح الا الصبر