في طهران بدأت عواصف سياسية شديدة بعد ترشح هاشمي رفسنجاني في اللحظات الأخيرة للانتخابات الرئاسية التي ستبدأ في منتصف شهر يوليو من العام القادم. حيث شنَّ عدد من النواب المحافظين حملة لاستبعاد رفسنجاني من السباق. وهي الحملة التي طالت محمد خاتمي الذي لوّح مسبقاً بسحب ترشحه لصالح رفسنجاني. وكلاهما اصلاحيان قادا إيران في مراحل رئاستهما إلى الخروج من العزلة السياسية آنذاك رغم محاولات المتشددين اعاقة خطوات الانفتاح والاصلاحات في منظومة الإدارة الإيرانية سواء في الداخل أو الخارج. ذلك الجناح المتشدد استطاع أن يهزم التيار المعتدل من خلال مساندته لبقاء أحمدي نجاد لولايتين عمل خلالهما بالعودة بالإصلاحات إلى المربع الأوّل. خاصة بعد أن اقنعوا المرشد علي خامئني بأن نجاد هو المخلص للثورة. وهو الأفضل لتنفيذ أجندتها الخارجية. ومن ثم فإن رحيم مشائي الذي يحظى بدعم نجاد هو النسخة الثانية من الرئيس الحالي وكذلك الأمر بالنسبة لسعيد جليلي الذي يمسك بالملف النووي الإيراني وكلاهما مقربان من الرئيس ومرشحان للمنافسة. على أن مشائي أخذ يهدد بالكشف عن أسرار جديدة داخل حكومة نجاد في حال تم استبعاده من السباق الرئاسي. هكذا يبدو الاتجاه واضحاً من خلال الحملة على رفسنجاني.. فهم - أي المتشددون – لا يرغبون وصول رجل معتدل في حجم هاشمي الذي فتح باب التقارب مع دول الخليج تحديداً في ولايته الثانية.وهو ما يخالف الأحلام الفارسية في نظر أولئك الذين لهم خطابات مختلفة. بل تجاوزوا أهداف الثورة وخارطتها السياسية المزعومة إلى العولمة ومناصبة العداء للآخر من خلال تهجين جنرالات للحروب في ثياب مدنية. رغم الأزمات الاقتصادية. لكن هل يدرك الناخب الإيراني أهمية المرحلة الحالية والقادمة. وحجم تحدياتها الصعبة. وهي تحديات لا أعتقد أنها ستكون غائبة عن الشعب الذي لا شك أنه أصبح أكثر نضوجاً في مسيرة التجربة والأخذ بالمعادلة من منظور يتناسب مع التطورات الدولية الأخيرة التي تدفعه إلى ترشيح الاعتدال المتمثل في هاشمي رفسنجاني. وصولاً إلى التغيير. فهو الرجل الذي يمكن أن يعيد ترتيب السياسة الإيرانية بما يؤدي إلى تحسين العلاقات مع دول الخليج في الدرجة الأولى. وذلك من منطلق الإيمان بأهمية شراكة دول المنطقة على الخارطتين السياسية والاقتصادية وكل مقومات التنمية والتحديات الدولية.. كما أنه الرجل الذي تحتاجه المرحلة للنأي ببلاده عن تنفيذ أي تهديدات دولية يقودها الملف النووي.. أو مغامرة يقودها المتشددون في نسختهم الرئاسية بعد نجاد. في حال اقصاء رفسنجاني. وأمام الانتخابات القادمة تبقى طهران "حبلى" بالصراعات التي قد تعيد إلى الأذهان موجة المواجهات بكل عناصرها المتشددة في العام 2009 لإسقاط الاعتدال واعتقال رموزه. وسحق الأصوات الباحثة عن الخروج من عباءة التطرف.