الحب حاجة أساسية للإنسان فطر الله الإنسان ليميل للإشباع إليها من محيطه لتمده بطاقة التفاعل والانتماء والإحساس بمشاعر الإنسانية المميزة له عن غيره من المخلوقات، يبدأ الإنسان بالبحث عن الحب وإشباع فطرته منذ يومه الأول للحياة، فالطفل يصرخ صرخة الميلاد لفراقه رحم السكينة والانسجام مع والدته والالتصاق بها ليبدأ البحث عن إشباع أوسع لفطرة الحب من والديه وأسرته ليستمد حنانهم وعطفهم لينمو سليماً سوياً معافى لمجتمعه، فيوضع الطفل منذ لحظة ميلاده الأولى على صدر والدته ليلتصق بها ويسمع دقات قلبها ويطمئن إليها ويشعر بمحبتها وحنانها، وإن فقد الطفل وحُرم ذلك الحب والحنان دون وجود من يُعوضه سينمو مضطرباً منحرفاً يفتقد لمشاعر التفاعل الإنساني والانتماء للآخرين، وبعض الدراسات العلمية أثبتت أن الطفل الذي يُحرم الحب والحنان والالتصاق بجسد والدته ينتهي به المطاف إلى الوفاة. الحب الشعور الوجداني الداخلي الذي يتفاعل به الإنسان مع أشياء يجد فيها إشباعاً لمشاعر السعادة والطمأنينة والحب للحياة والإقبال عليها، ويصاب الإنسان بالضيق والحزن إن حُرم أو لم يستطع أن يتفاعل مع ما ُيحب ليكون بجواره أو يتمتع برؤيته ومشاركته، فكلما زاد تقدير الإنسان للشيء الذي يُحبه وتميل نفسه إليه لتحقيق الراحة والسعادة كلما زاد حبه وتعلقه به، وإن زاد عن حده في تعلقه حتى لا يقدر على فراقه عندها يُسمى عشقاً وهو ما يقال أنه يقتل صاحبة ويدمر ذاته إن فُقد وحرم منه. فالحب حاجة يجب أن يتم إشباعها للإنسان كما تُشبع أي حاجة ضرورية أخرى، ويجب أن تقدم بالتوازن دون تقصير أو إفراط لأن لنقصان الشيء أثراً على صاحبه كما أن لزيادته أيضاً، فالإنسان إن أحب لا بد أن يحب بحكمة وروية دون مزيد من الانفعال والتعاطف حتى لا ينحرف شعوره عن هدفه فيصاب بالاضطراب والألم والمعاناة التي يُصعب علاجها. والحب يبدأ منذ بداية حياة الإنسان فلولا حبه للحياة والبقاء ما سعى للبحث عن مقومات وجوده وتطور نموه وتحضره، يتفاعل الإنسان مع بيئته بالتواصل بين الأفراد والمجتمعات والمؤسسات ووجوده داخل الجماعة.والحب يبدأ بحب الإنسان لذاته دون أن ينحرف للأنانية، يحبها كما هي ويبحث عن مكنوناتها ويطور مهاراتها ويعزز تقديرها ويسعى للمحافظة عليها بكل الجوانب الجسدية والروحية والنفسية، والحب يبدأ بحب الآخرين باجتماع زوجين شرعيين يسعيان لبناء وتشكيل أسرة صالحة سعيدة من خلال ما يمارسانه من أخلاق وقيم وتعاملات مشتركة فيما بينهما فتحقق السكينة والمودة والمشاركة بينهما مما ينعكس على أسلوبهما في تربية أبنائهما فيكونا صالحين في صناعتهما أفراداً صالحين أسوياء للمجتمع.