لم يعد الغش في أيامنا ينحصر في السلع والخدمات البعيدة عن صحة حياة الإنسان وإنما أصبح - بكل أسف - يعم كافة مناحي الحياة بلا استثناء، والسبب الرئيسي في تفشي ظاهرة (الغش) في المجتمع ضعف أجهزة الرقابة ، والوازع الديني والإنساني، والتراخي في إنزال أقسى العقوبات على كل من يعبث بصحة الإنسان وحياته أفراداً أو جماعات أو مؤسسات أو شركات.فقد أشارت منظمة الصحة العالمية "who" إلى أنه ظهرت خسائر بمقدار (75) خمسة وسبعين مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل (281.25) بليون ريال سعودي خلال العام 1431ه / 2010م مقارنة بعامي 1427ه/ 2007م و 1428ه/2008م ناجمة عن الغش، ويشكل الغش الدوائي مشكلة عالمية متنامية شملت تغيير "المادة" الفعالة للدواء، أو مكوناته أو الأسماء أو العلامات التجارية مما أدى إلى حالات وفاة "موت" الناس في ثلثي دول العالم بسبب انتشار الأدوية المغشوشة والمزيفة.ففي منطقة - الخليج - على سبيل المثال لا الحصر ضبطت "الجمارك" في مختلف دول الخليج في سبتمبر (ايلول) 2007م 1427ه أكثر من (5.4) ملايين دولا من الأدوية المزيفة.كما تم ضبط وإتلاف (293) طناً من المنتجات المزيفة خلال الأشهر الخمسة من عام 2008م/ 1428ه.والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا المقام: ألم يحن الوقت لإجراء تعديلات تنظيمية لسن (عقوبات) صارمة على الدول والشركات والمؤسسات التجارية المروجة أو المصدرة أو المستوردة للأدوية المغشوشة والمزيفة للحد من انتشار مثل هذه الأدوية في المنطقة ولحماية المرضى الذين يذهبون ضحايا هذا الغش والتزييف، إذ تقدر نسبة الأدوية المغشوشة والمقلدة في منطقة الشرق العربي بحوالي (35 %) من اجمالي الأدوية التي يتم تداولها وهي من أعلى النسب في العالم، أي أن واحداً من كل ثلاثة أدوية يتم توزيعها مغشوش أو مقلد بسبب ضعف الأجهزة الرقابية والتنفيذية الموكل إليها حماية الأسواق من هذه الأدوية.