إذا نفذت إسرائيل مشروعها الاستيطاني الاستعماري التوسعي ، بربط القدس بمعاليه أدميم بالغور والبحر الميت ، تكون قد صنعت ضفتان شمالية وجنوبية مفصولتان عن بعضهما البعض ، كما هو الحال بين الضفة والقدس أو بين الضفة والقطاع ، بحيث لم يعد إمكانية للمواطن الفلسطيني في الضفة الشمالية الوصول إلى الضفة الجنوبية إلا بتصريح من سلطات الإحتلال ، كما هو شأن زيارة أهل الضفة للقطاع وبالعكس . المشروع التوسعي الإسرائيلي ، يعمل على تمزيق خارطة فلسطين ، وجعلها غير موحدة جغرافياً ، وممزقة بشرياً ، بدون تواصل يومي إنساني سياسي وإقتصادي ، ذلك هو الرد الإسرائيلي من قبل الأطراف ، الأحزاب والمؤسسة العسكرية وتنفذه الحكومة وأدواتها القضائية والسكانية والإستثمارية والأمنية . الرد الأوروبي كان مميزاً ، ومتفهماً لأبعاد المشروع التوسعي الإسرائيلي المدمر لمشروع حل الدولتين ، وهذا يعني غياب أرض متماسكة موحدة متصلة " قابلة للحياة " كي تكون دولة وفق التعبير الدولي الدارج ، أو تملك إمكانات جغرافية لإقامة دولة ، ولكنه – أي الرد الأوروبي – لم يكن كافياً ، أو لم يعد كافياً ، لردع الإسرائيليين عن مواصلة برنامجهم الإستعماري التوسعي على أرض فلسطين . فالرد الأوروبي ، كان مميزاً ومتقدماً ، مقارنة مع الموقف الأميركي ، وحتى مع الموقف العربي ، الذي يكتفي بالشجب والأستنكار ، ولذلك كيف يمكن للأميركيين وللأوروبيين أن يكونوا أوفياء وداعمين للمصالح العربية أكثر من العرب أنفسهم . برنامج الإستيطان متواصل ، وأهداف إسرائيل التوسعية ، قوية ونافذة ، وعلينا أن نتعلم من تجربة الشعب الفلسطيني نفسه ، فلولا مبادراته الحزبية والتنظيمية والشعبية ، لما وصل إلى ما وصل إليه من إستعادة هويته الوطنية المبعثرة بين عرب إسرائيل وأردنيين ولاجئين وغزازوة ، وغياب للهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة وبعثرتها ، ولمبادراته كان الفضل في إستعادتها وتوحيد شخصيتها ، ولولا مبادراته لما تشكلت منظمة التحرير وحظيت بالتمثيل الأوحد ، وبالإعتراف وبالمكانة ، ولولا الإنتفاضة الأولى لما أقر إسحق رابين والأميركيين بالحقائق الثلاثة الشعب والمنظمة والحقوق وهي من المحرمات الإسرائيلية التي دفع ثمنها رابين بإغتياله ، ولولا الإنتفاضة المسلحة الثانية لما تخلى شارون عن قطاع غزة وفكفك المستوطنات وأزال قواعد جيش الأحتلال . إذن المبادرة الفلسطينية ، نضالاً وبرنامجاً وأداة ومؤسسات هي الأساس حتى تجمع من حولها ومن بعدها سلسلة المواقف العربية والإسلامية والدولية . تقاليد الموقف الإسرائيلي وعدوانيته ومشروعه الإستعماري ، وتطرفه ، سلاح بيد الشعب الفلسطيني ، وبيد منظمة التحرير ، والفصائل والفعاليات والشخصيات ، و" قرف " المجتمع وإشمئزازه من السياسة الإسرائيلية باتت واضحة جلية في تصويت الأممالمتحدة يوم 29 /11 /2012 لصالح فلسطين ، واستدعاء السفراء الإسرائيليين لدى بعض العواصم الأوروبية تعبير عن هذا الأستياء الدولي المتصاعد ضد سياسة إسرائيل العدوانية التوسعية الاستعمارية . القوى الحية ، في أرض الضفة والقدس والقطاع ، ومعهم القوى الحية في مناطق 48 ، بحاجة لحالة تناغم برنامجي ، كي يفهم ويدرك كل منهما ما هو مطلوب منه عينياً لمواجهة نفس السياسة ونفس البرنامج ونفس المصير ، على ضفتي الخط الأخضر ، فالعدوان واحد ، والعنصرية مصدرها واحد ، وتمزيق الضفة ، هي تمزيق للمكون الفلسطيني الموحد ، يجب عدم الإنتظار حتى يستكمل الإسرائيليون تمزيق الممزق وتقسيم المقسم ، ولذلك يجب الرد عليهم عبر مبادرات عملية ، محلية ذات طابع هجومي ، خصوصاً ، وإسرائيل على أبواب الإنتخابات ، لتكن الإنتخابات الإسرائيلية برنامج عمل كفاحي للفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، لزيادة تأثيرهم ونفوذهم وقوتهم داخل إسرائيل وداخل الكنيست ، بزيادة قوة الجبهة الديمقراطية للسلام والسلام ، والتجمع الوطني ، والتحالف في القائمة العربية الموحدة ، لتكون القوائم الثلاثة مصدر دعم وتأييد ، التي تملك 11 نائباً اليوم لزيادتها نحو 15 نائباً عربياً كما هم اليوم في الكنيست ، حيث ينتمي أربعة منهم لأحزاب صهيونية معادية لحقوق الشعب العربي الفلسطيني : حقه في المساواة في 48 ، وحقه في الاستقلال في 67 ، وحق اللاجئين في العودة ، ليتم رفع شعار مركزي ولا صوت عربي فلسطيني لحزب صهيوني ، فهي البداية العملية الأولى ، كرة الثلج الصغيرة المتدحرجة ، نحو كنس الاحتلال واجتثاث مشروعه الاستعماري العنصري عن أرض فلسطين.