اتصل بي الأستاذ أسامة قربان وهو أحد خبراء البيئة وأحد طلبتي الذين أعتز بهم كثيرا، أتصل بي ليخبرني عن انعقاد ورشة عمل في فندق خمس نجوم، وكالعادة لم أُدع إليها، وأن المنظمين لهذه الورشة هم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وإمارة منطقة مكةالمكرمة وشركة أرامكو، الهدف الأساسي من انعقاد هذه الورشة هو تحديد مصادر التلوث في مدينة جدة، أمر عجيب هل مشاكل ومصادر التلوث لجميع النظم البيئية في مدينة جدة تخفى على أي مخلوق من مخاليق الله في مدينة جدة!! وهل تحديد مصادر التلوث في مدينة جدة يتطلب من المنظمين عقد هذه الورشة في فندق 5 نجوم؟؟، وهل يتطلب عقد هذه الورشة أيضا استقدام الشركات البيئية وخبراء البيئة الأجانب من كل حدب وصوب!!، وهل عجزت معاهد الأبحاث وعشرون جامعة في المملكة تجاوزت ميزانية أصغرها بلايين الريالات عن تحديد مصادر التلوث في مدينة جدة؟؟ هذا الأمر يذكرني بمثل مصري يقول "اللي عنده قرش محيره يشتري بيه حمام ويطيره"!! يا ناس أرحمونا مصادر التلوث أشبعناها نقاشا في العقدين الماضيين ليس فقط في تحديد أبعادها، ولكن أيضا في طريقة معالجتها والحد من انتشارها وأصبحت جلية لا يخطئ في تحديدها رجل الشارع!! ولكن لابأس أن نسيتموها سنذكركم بها مرة أخرى أولا: النظم البيئية للبحر الأحمر، ومشاكل البحر الأحمر أوجزها في عدة نقاط، الأولى هي مشكلة تلوث سواحل البحر الأحمر بمياه الصرف الصحي، حتى أضحت مدينة جدة الأولى في العالم من حيث تلوث شواطئها!! ولا أريد أن أخوض في هذا الموضوع فالمقام لا يسمح، ولكن اسأل هل تحديد مصادر التلوث في مدينة جدة يتطلب استنفار الشركات الأجنبية لتحديد أبعاده!. مشكلة التلوث الثانية: التي يئن منها البحر الأحمر، هي الحفر والردم والتجريف لأجمل تكوينات مرجانية خلقها الله على كوكب الأرض!!!، وهل تحديد أبعاد هذا المصدر من التلوث يحتاج إلى استقطاب خبراء من أوروبا أو أمريكا لتحديد أبعاده؟؟؟ المشكلة الثالثة: من مشاكل التلوث التي تئن لها سواحل البحر الأحمر، هي التدمير الجائر والشامل لغابات المانجروف التي تنتشر على سواحل البحر والتي تمثل جزءا هاما من النظام البيئي للبحر الأحمر لا يقل عن أهمية النظم البيئية للشعاب المرجانية!! أما المشكلة الرابعة: من مشاكل البحر الأحمر فهي الصيد الجائر لموارد البحر الأحمر الاقتصادية خاصة الثروة السمكية التي أنحدر مخزونها إلى ما بعد الخطوط الحمراء !! أما علاج جميع هذه النوائب والكوارث البيئية فيتلخص في كلمتين، هما أرفعوا الضرر عن البحر الأحمر، أوقفوا صرف مياه الصرف الصحي على طول سواحل البحر الأحمر، أوقفوا الردم والهدم والحفر والتجريف للشعاب المرجانية الممتدة على طول سواحل البحر الأحمر، أوقفوا التدمير الشامل لغابات المانجروف، نظموا المصائد في البحر الأحمر.