معظمنا كان يراقب قفزة المغامر (فيليكس) الليلة الماضية بكل شغف.. ومما لا شك فيه أن بعضنا لا يدري ما سر ذلك الشغف.. ربما كان الفضول..وربما كان من أجل الإحاطة بكل تفاصيل هذه القفزة التي نقلتها قناة ال mbc بشكل حصري على الهواء مباشرة.. فالنقل المباشر يتيح للمشاهد رؤية كل شيء دونما تدخل لمقص الرقيب..فأغلب من كانوا يتناولون الحدث قبل موعد انطلاقته كانوا يعتقدون أن مشهد القفزة قد لا يخلو من مفاجآت أقل ما توصف بأنها مأساوية تذكرنا بمشهد المكوك الفضائي (تشالنجر) الذي شهد انفجاره سكان العالم بعيد انطلاقه بدقيقة و ثلاث عشرة ثانية عام 1986م في مشهد تاريخي مروع لا زالت الذاكرة الإنسانية تستحضره مع كل تغطية إعلامية لكل حدث فضائي.. لكن القفزة تمت بنجاح باهر أذهل الجميع، وحط الرجل بكلتا قدميه على الأرض في ثبات واقتدار وتنفس المراقبون والمشاهدون الصعداء متمتمين في ذواتهم عبارة (لقد فعلها فيليكس)، لكن السؤال الذي يتحتم طرحه بعد هذه القفزة المثيرة هو.. ماذا فعل فيليكس؟. قد يبدو الأمر لكثير من الناس والمشاهدين أن الأمر لا يتعدى في كونه غير رقم قياسي جديد.. لكن من يتأمل وقوف محطة روزويل الفضائية بكل ثقلها العلمي والمهني وراء الحدث يضفي على القفزة سمة الإنجاز العلمي غير المسبوق.. يكفي اختراق حاجز الصوت من دون مركبة أو كبسولة ذات تجهيزات معقدة ومكلفة.. فهذا بحد ذاته انجاز علمي يستحق الوقوف والتأمل.. أقلها أن مسألة إنزال رواد الفضاء مباشرة من المكوك الفضائي أصبحت قريبة التحقق سواء من باب التوفير في تكاليف التجهيزات الفضائية أو من باب اختصار الوقت والجهد أو على الأقل حينما يتعرض المكوك لعطل فني غير قابل للحل. هذا فضلاً على ما جلبته قفزة فيليكس للفيزيائيين من معلومات ما كان لهم أن يتحصلوا عليها لولا هذه القفزة. في الحقيقة.. قفزة فيليكس هذه يجب ألا تشكل لنا مفاجأة.. فقد اعتاد العالم المتحضر على هذا السباق المحموم بين الدول والمنظمات ومراكز الأبحاث لتحقيق الإنجازات العلمية الخارقة (كل في مجاله).. لكن الذي يجب أن يشكل لنا مفاجأة وصدمة في آن معاً أن بيننا من لا يزال يرى مثل هذه الإنجازات قمة الفضاوة.. ولا أستغرب أن يظهر أحدهم ليشكك في الأمر برمته بذريعة البارانويا الملهمة لكل تفسيرات تقدم الغرب وتطوره كما ظهر أحدهم في جريدة الشرق السعودية ليعيد كوميديا التشكيك في إنجاز وطء الإنسان بقدمه على سطح القمر. Twitter:@ad_alshihri