أثناء مائدة السحور في رمضان 1433ه على شرف سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز بمنزل الوجيه الشيخ عبدالرحمن فقيه برزت ظاهرة اجتماعية جديدة في المجتمع عندما تشرف الأستاذ مصطفى فؤاد رضا المثقف المعروف ومحب مكة وعاشقها بطرح فكرة أمام سمو الأمير سلمان وهي تغيير مسمى أمين العاصمة المقدسة إلى أمين مدينة مكةالمكرمة، وهنا لا يهمني أن اتفق أو اختلف مع أخي مصطفى، ولكن الذي اعتبرته نقلة نوعية في محاورة ولاة أمرنا -أعزهم الله -بأدب الكبار ولياقة راقية لا تمس المقامات ولا تعتدي على الخصوصيات، بل إنها تميزت بأن كانت بين الحاكم الأمير سلمان -رعاه الله -والمحكوم المواطن مصطفى رضا إلا أن الأمير قد وجه سمو الأمير منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية بدراسة الفكرة ثم الكتابة إليه. هذا المنهج الحضاري أن يقف المواطن ويناقش ولي الأمر اعتبره سلوكاً حضارياً راقياً يدل على سعة صدر ولي الأمر، وفي المقابل يدل على رقي المواطن وأدبه في محاورة ومناقشة ولي الأمر بصوت مسموع. المقرونة باحترام هيبة ولي الأمر. بيد أنني فوجئت أن البعض القليل من الانفعالين والحاسدين أثاورا معركة بلا بطل ضد الأستاذ مصطفى رضا وفكرته، وأكثرهم ممن حضر المناسبة. فجاء استغرابي وقلت لكثيرهم لماذا لم تقوموا بمناقشة الأمر مع سمو الأمير في الحال وترفضون الفكرة ؟. ثم تلتقون حول بعضكم في لغوصات ووشايات وأحاديث مليئة بالحقد والحسد. من حق كل مواطن أن يتحدث ويقترح ما يراه مناسباً ولو كانت الفكرة غير جديرة بالمناقشة لاستطاع الأمير سلمان أن يطلب من المواطن مصطفى رضا أن يكف عن الحديث. وأعرف جيداً ما يكنه المكي الشهم مصطفى رضا من حب وعشق لمكةالمكرمة وأهلها المباركين. والذي يفعل الكثير من أعمال الخير بها. ولو انه اراد غير الخير لكان بإمكانه ان يكتب رسالة سرية لا يعلم عنها أحداً لولي الأمر يطرح فيها فكرته. ولكونه مواطناً مخلصاً وشجاعاً وجريئاً وتعامل مع أخلاق المثقف بعدم التلون في المواقف فقال ما لديه امام الناس والعلن وبأدب الكبير. وبحضور كثير من كبار القوم والوجهاء والأعيان وأصحاب الألسنة الطويلة التي تكنس وترش، وبعض الكثير الذين ألفوا التصفيق وفعل النميمة والوشايات. واصل في ختام مقالي بقولي للجميع ان المرحلة غير المرحلة والرجال غير الرجال والمواقف غير المواقف علينا ان نغير من عقولنا ونفتح النوافذ فنحن في زمن الشفافية والحريات. كم تألمت حين يتصل بي بعضهم وكنت أظنه -خطأ-أنه من الكبار ليطلب مني ان أقف ضد مصطفى رضا واكتب ضد فكرته ومنهجه وأسلوبه، فاعتذرت إليه بأدب الكبار لأنه في مقام والدي وقلت له ابحث عن غيري ممن اشتهروا بتحقيق طلباتك. فهذه الدكاكين لها أصحابها. هذا الموقف الشجاع من مصطفى رضا يدفعنا جميعا أن نضع ما نفكر فيه من أجل مصلحة البلد فوق الطاولة وفعل لمناقشته علناً. فهذه أفكار قابلة للأخذ الرد والرفض. موقف مصطفى ذكرتي بالقصة الشهيرة المرتبطة بكتاب (خواطر مصرحة) لمؤلفه الأستاذ محمد حسن عواد، عندما رفضه بعض مشايخنا وتقدموا بشكوى ضده عندالملك عبدالعزيز فأحال الملك كل الأمر إلى نائبه في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز وبحكمته وذكائه قال الأمير فيصل للمعارضين الفكر بالفكر وأحال الكتاب إلى الأستاذ يوسف ياسين وهو مثقف كبير فكتب يوسف ياسين الرد على كتاب خواطر مصرحة وانتهت القضية بذلك الموقف الذكي من الأمير فيصل واليوم الأمير سلمان بحكمته أحال الموضوع للدراسة. يأبني قومي استغلوا مثل هذه المواقف الحضارية من ولاة أمرنا واطرحوا أمامهم ما تريدون وحاورهم ما دام ان أبوابهم ونفوسهم مفتوحه لنا. والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض. أديب وكاتب سعودي البريد: [email protected] twitter : Drzkutbi