كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية في 15 سبتمبر الجاري أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان طلب من المختصين في الوزارة الشروع في دراسة شاملة تفحص من جديد اتفاقات أوسلو بعد نحو 19 عاما على توقيعها. ونقلت الصحيفة عن ليبرمان قوله "واضح أن اتفاق اوسلو هو الخطوة السياسية الأكثر فشلا منذ قيام الدولة. ويجب إعادة تقييم الاتفاق، وتناول الواقع والكف عن الهرب من الحقائق ومن الحاجة الى اتخاذ قرارات صعبة. يجب إجراء إعادة تقييم للعلاقات مع السلطة الفلسطينية". وترى مصادر إسرائيلية أن البديل المقترح عند ليبرمان هو اتفاق انتقالي يحل محل اتفاقات أوسلو. وبمقتضى الخطة فإن المطلوب زيادة التعاون بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في مجالات الاقتصاد والأمن. وتسعى الخطة إلى تعزيز الاقتصاد الفلسطيني بتقديم حوافز اقتصادية وزيادة حرية الحركة في أراضي "يهودا والسامرة" بدلا من اتفاق دائم وإقامة دولة مستقلة. بعد ست جولات فاشلة من مفاوضات واشنطن الثنائية على المسار الفلسطيني، كشف النقاب عن مفاوضات سرية يجريها وفد فلسطيني، عقدت أول جلساتها في 20 كانون الثاني (يناير) 1992 بضواحي العاصمة النرويجية "أوسلو"، وحسم الاتجاه بقبول المفاوضين الفلسطينيين بحكم إداري محدود جغرافياً على مساحة جغرافية صغيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 "غزة - أريحا أولاً"، وبصلاحيات محدودة للسيطرة على السكان دون الأرض، وربط التقدم اللاحق بما سمي "إجراءات الثقة المتبادلة"، لكن المسيرة كما نراها اليوم وصلت إلى طريق مسدود، واتضح زيف مقولة إمكان تطوير عملية أوسلو من داخلها، لأن اتفاق أوسلو ولد سقيماً في حقل من الألغام. في مراجعة سريعة لمسيرة المفاوضات والتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، انطلقت مسيرة المفاوضات في مؤتمر مدريد بتاريخ الحادي والثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول 1991، دون أن يضع الراعيان الأميركي والسوفييتي (آنذاك) إطاراً واضحاً للمفاوضات. ومنذ الجولة الأولى لمفاوضات واشنطن الثنائية المنبثقة عن مؤتمر مدريد خطفت الولاياتالمتحدة رعاية المفاوضات بتهميش دور الراعي السوفييتي، ومن ثم دور خليفته الروسي الذي ورث مقعد الاتحاد السوفييتي في هذه العملية، لتغرق المفاوضات بعدها في مستنقع الاستفراد الأميركي الموظف في صالح الرؤية الإسرائيلية للتسوية. وتكشَف لاحقاً أن موافقة إسرائيل على حضور مؤتمر مدريد جاءت بعد تلقي ضمانات أمريكية وسوفييتية بعدم ممارسة أي نوع من أنواع الضغوط عليها لوقف الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، وتأجيل كل القضايا الرئيسية في الصراع إلى مرحلة لاحقة، وقصر البحث في المسار الفلسطيني على حكم ذاتي محدود. وبالفعل خضعت المفوضات الثنائية الفلسطينية- الإسرائيلية منذ بدايتها لمضمون رسالة الدعوة الأميركية التي شكلت أساسها، والتي تنص على مرحلتين تفاوضيتين: انتقالية تبحث بترتيبات الحكم الذاتي، ونهائية تبحث في قضايا الوضع النهائي للمناطق الفلسطينية المحتلة، والمفصلي في هذا التصور عدم استناد المفاوضات إلى القرارات الدولية ذات الصلة، وخاصة القرارين 242و338 فضلاً عن رفض إسرائيل مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وكذلك عدم وجود رابط بين المرحلتين الانتقالية والنهائية، فالعلاقة بينهما زمنية ليس إلا، أي بحدود الإقرار بأن المفاوضات حول الوضع النهائي تلي المفاوضات حول الوضع الانتقالي بعد ثلاث سنوات من تطبيق المرحلة الانتقالية. الأمر الذي لم يرتب على الجانب الإسرائيلي أي التزام جدي بشأن قضايا الحل النهائي المرحلة (مصير القدس، ملف اللاجئين، الحدود، المستوطنات، المياه، الأمن..).