ما بين انتفاضة الأسرى وانتصارهم في إضرابهم بالتزامن مع ذكرى النكبة، وإعلان حركتي حماس وفتح عن التوصل لاتفاق جديد لتنفيذ بنود المصالحة المتفق عليها في إعلان الدوحة في شباط الماضي، ثمة من يتساءل عن فرص الانتفاضة الثالثة في ظل السيناريوهات المقبلة على المنطقة مع هذا الكم الكبير من المتغيرات المتسارعة. الحديث عن انتفاضة ثالثة هذه المرة يأتي في ظل أجواء آخذة في التوتر فلسطينيًّا بفعل تصاعد الهجمة الصهيونية ضد الأرض والإنسان والمقدسات، وفي وجود عجز رسمي من خلال أزمة مالية خانقة أولا، وثانيًا مأزق سياسي كبير أمام تعنت "شريك السلام" في تقديم أي شيء لحفظ ماء الوجه. مشهدان اثنان يمكن الوقوف عندهما للتأمل في فرص اندلاع الانتفاضة الثالثة، الأول حجم التضامن والاهتمام الفلسطيني بقضية إضراب الأسرى، سواء على الأرض حيث المواجهات العديدة أمام سجن عوفر الصهيوني أو في العالم المفترض في شبكة الانترنت وحملات التضامن معهم، وللمقللين من أهمية هذا التحرك نذكرهم فقط أن بذور أول ثورات العرب في تونس نبتت على صفحات ال"فيسبوك" وال"تويتر". المشهد الثاني، هو ما يتعلق باتساع نطاق حملات التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني والاستنكار لممارسات الاحتلال ومغتصبيه، والمطالبات الرسمية والشعبية بالتصدي لها وإيقافها، وهو أمر استنفر طاقات الاحتلال ودبلوماسييه في العالم. وهنا، يمكن القول إن فكرة الانتفاضة الثالثة تُقابل فلسطينيًّا حاليًّا بنظرتين؛ الأولى سوداوية، ترى استحالة حصول ذلك لعدة عوامل، أبرزها الواقع الأمني الصعب الذي أوجده الاحتلال.أما المتفائلون، فيرون أن الظرف الزمني الراهن هو من أكثر العوامل إنجاحًا للانتفاضة الثالثة، وبرأيي فالموضوع مسألة وقت لا أكثر؛ فالوضع الفلسطيني الداخلي يواجه استحقاقًا مهمًّا متمثلا بما يمكن وصفه فرصة أخيرة للمصالحة. أما خارجيًّا، فواضح أن المنطقة حول الكيان تشتعل، ولن يكون الاحتلال بمنأى عن نيرانها.القول بنجاح انتفاضة ثالثة أو فشلها، مرهون بسلوك الفلسطينيين على الأرض حيال ملفين اثنين؛ ملف المصالحة وما يترتب عليه من استحقاقات وملف ناتج عن ما يفرزه الملف الأول، وهو الاستعداد للمرحلة القادمة بإعادة طرح تشكيل قيادة وطنية جامعة .