لا أحد منا ينكر أن مجتمعنا يمارس اضطهادا حقيقيا للوقت من حيث عدم تقديره وعدم اعتباره عنصرا أساسيا في ترتيب أولويات الحياة، بل وعنصر فعال في تحقيق النجاح المنشود في الحياة. مظاهر غياب الاهتمام بالوقت تتضح لنا في نواح كثيرة من حياتنا. ومكمن الخلل في تعاملنا مع الوقت يبرز في معاداتنا له وعدم تقبل تنظيمه لأي سبب. ورغم أن حياتنا العملية مليئة بالمشاهد والمواقف التي نكررها بشكل يومي أو أسبوعي إلا أننا نجهل تماما مدة الأوقات التي تستغرقها تلك الأعمال.ولعله من المفارقات التي أشار إليها علماء الإدارة هو أن العنصر الذي يفرق ما بين الناجحين والفاشلين في الحياة هو إدارة الوقت. في مجتمعنا هناك العديد من العوائق التي تقف أمام غرس ثقافة الوقت أولها المناسبات الاجتماعية المنظمة بطريقة عشوائية .كما أن عدم وجود أعراف اجتماعية واضحة ترتب الزيارات العائلية بين الأسر، عنصر آخر لا يقل أهمية عن سابقه. ولا شك أن تسويف الأعمال والمهمات في الحياة يعتبر سبباً بارزاً لإهدار الوقت لدينا. من أهم ما يساهم في الحفاظ على الوقت وإدارته تدوين المهمات والأعمال بشكل يومي والبعد عن المجاملات في حضور بعض المناسبات غير المهمة. أيضا يجب الاهتمام بأوقات التسوق والزيارات حيث أننا مجتمع يدمن هذين العنصرين وممارستهما بشكل عشوائي من شانه التأثير المباشر على إنتاجيتنا اليومية سواء في العمل أو الأسرة .كما أن استغلال الأوقات الهامشية وهي التي يقضيها الفرد في الانتظار، كأن ينتظر انتهاء معاملة في دائرة حكومية ،أو أن يقف بسيارته لفترات متقطعة عند الإشارات المرورية، تعطيه مساحة جيدة لاختصار بعض المهام كقراءة احد تقارير العمل أو كتابة فكرة تطويرية طرأت في مخيلتك.. أو إجراء بعض الاتصالات والأعمال البسيطة التي من المفترض أن يقوم بها لاحقا. ولعل العمل الإداري من تخطيط وتنظيم وتحقيق للأهداف لا يستطيع المضي دون إدارة ناجحة للوقت. بعض الخبراء ذكر أن المديرين الذين يحملون حقائبهم المتخمة بالمعاملات الإدارية إلى منازلهم هم مديرون فاشلون في إدارة وقتهم. ويعود ذلك إلى أن وقت العمل "فيما لو تم تنظيمه"، سيكون هناك فائض منه وإذا لم يكن هناك فائض فإن الخبراء يعودون ليؤكدوا أن هذا المدير لا يفوض الصلاحيات للموظفين أي أنه يقف على كل صغيرة وكبيرة في العمل بل ويوهم نفسه (أي المدير) أن التفويض ينقص من سلطته وصلاحياته. إن من أهم خطوات إدارة الوقت في بيئة العمل هو تصنيف الأعمال طبقا لدرجة الأهمية وعدم إطالة الاجتماعات لفترات أطول من المعقولة. كما أن ممارسة الرياضة وخاصة "المشي" من شانها إعطاء الجسم طاقة لمواجهة ضغوط الحياة بل إنها سبب رئيسي لتفريغ الضغوط التي نتعرض لها في حياتنا. ويدرك الكثيرون ممن يمارسون هذه الرياضة مساهمتها الكبيرة في إدارة الوقت. إن إدارة الوقت تكتسب أهمية كبيرة في حياتنا الاجتماعية والوظيفية وكثيرا من معايير تقدمنا ونجاحنا ترجع أساسا إلى نجاحنا في الاستفادة من هذه الثقافة.