عبلة بساط جمعة مستشارة نفسية أنا طالبة في المرحلة الثانوية، لا أعلم لماذا وكيف، أتعلق بالمعلمات كثيرا، ليس جميعهن بل بعضهن، كما أنني تعلقت بمعلماتي في المراحل الأخرى «الإعدادية».. فهناك معلمة لا تعرفني ولا تدرسني لكنني أفكر فيها دائما لدرجة أنني أحلم بها كثيرا في النوم، وأفكر فيها، وأحب أن أسمع أحدا يتكلم عنها، لكنني لا أحب أن أبين ذلك لأحد! حتى أنني عندما أمشي معها في نفس المكان أشعر بسعادة شديدة لكنني لا أفكر فيها بطريقة خاطئة أو شاذة، بل أريدها أما لي أو أختا أو صديقة. علما أني فقدت أمي في صغري لكن هذا لم يؤثر علي.. فماذا أفعل كي أبعد هذه المعلمة من عقلي؟ إن معرفة العمر أمر مهم جدا في حالتك. وأعتقد أنك في ال 15 أو ال 16، أي أنك في فترة المراهقة، والجميع يعلم ما لهذه الفترة من تغيرات تؤثر على تفكير وسلوك المراهق.. هذا من ناحية، والناحية الأخرى هو ما ذكرت، من أنك فقدت والدتك في صغرك. والظاهر أن الأمر قد أثر عليك كثيرا؛ فأنت تبحثين عن بديل للأم التي فقدت في وجوه المدرسات، وتتعلقين بهن للحد الذي دفعك إلى طلب المعونة. بنيتي، في كثير من الأحيان، وحتى في وجود الوالدة قد تتعلق الفتيات بمدرساتهن، بصورة سوية وبعيدا عن الشذوذ، بحثا عن حضن دافئ متفهم لتفريغ شحنات العاطفة الجياشة التي تعتمر صدورهن.. فهذا أمر طبيعي، وقد يحصل مع الكثير من الفتيات في مقتبل العمر، غير أنه يتضاءل مع التقدم بالعمر؛ ليحل مكانه الشعور بالحب تجاه قضية ما أو هدف ما، ومع التقدم بالعمر أكثر وأكثر يتحول إلى حب تجاه الجنس الآخر بحثا عن شريك لبناء حياة أسرية. وعليه إن ما تشعرين به طبيعي جدا وقد تشعر به الكثير من الفتيات. الآن، أي أمر يشغل بالنا لكنه بالمقابل لا يؤثر على إنتاجيتنا، إن شاء الله، يكون عابرا ونتخلص منه بمرور الوقت، غير أننا نستطيع تحجيمه والتخلص منه بسرعة أكبر بالخطوات التالية: الفصل ما بين الأفكار والمشاعر والسلوك، أي أننا نركز على ما علينا فعله من واجبات والتزامات، ولا نترك مجالا للأفكار أو المشاعر أن تؤثر على إنتاجيتنا. تنويع الأعمال ما بين اجتماعية، رياضية، ثقافية ودينية لعمل توازن للشخصية حتى نحجم الآثار الناجمة عن الأفكار أو المشاعر المحيطة. تنظيم الوقت، والإدارة السليمة للوقت عامل مهم للتخلص من الأفكار التي تستحوذ علينا. التحكم في الأفكار، بحيث لا نعيرها بالا ولا اهتماما أبدا، ونركز على ما علينا القيام به من أعمال... هكذا تتحجم الأفكار، ولا يعود لها تأثير على نفسيتنا ومن ثم إنتاجيتنا. لا تجلسي مع ذاتك وحيدة لفترات طويلة؛ حتى لا تستحوذ عليك الأفكار التي تستجلب المشاعر والتي هي السبب الأساس فيما تعانين منه. إن الأفكار من صنع أيدينا، إن لم تكن أفكارا مرضية، ونحن الذين نستجلبها ولهذا نستطيع -إن أردنا- السيطرة عليها كليا، ولهذا فإن تعدد النشاطات مع تنظيم الوقت وعدم الاختلاء بالنفس لفترات طويلة يساعد كثيرا في التخلص من هذه الأفكار. * داومي على الصلاة والذكر، ومن أفضل الذكر «أستغفر الله» فلا تتركي ثانية من وقت الفراغ لا ترددين فيها «أستغفر الله». * تواصلي مع أخريات من عمرك بنشاطات اجتماعية خيرية، لأن العطاء والتفاعل مع المحتاجين يخرجنا من دائرة الفراغ الذي نعيشه، وبالتالي يسخف هذه الأفكار ويمحوها. * ما دمت قد طلبت المساعدة، فإن هذا يعني أنك ترغبين في التخلص مما تعانين منه، وأتمنى أن تعتمدي الخطوات التي ذكرت لك، وإن شاء الله تتعافين وتحولين مشاعرك لقضية مهمة، أو هدف سام يحسب في صحيفة أعمالك، ويترك بصمة في المجتمع من حولك. المجيب: