أيام الدراسة كانت (حصة التدبير المنزلي) من أسوء لحظات حياتي وكنت كثيراً ما أتسلل كأي طالبة مشاغبة أو كسولة لأخرج من تلك الورطة، وكم اتمنى وأدعو الله أن لا تقرأ مقالي هذا معلمة قد درستني تلك المادة وأنا (حاضره على الورق فقط)، لأني وبلا فخر كنت ولازلت و سأظل إنسانة عملية، لا أهتم بشؤون المنزل والطبخ والنفخ، وغالباً ما اتركهما لشخص غيري أجدر وأكفأ يهتم بتلك الشؤون المملة - بالنسبة لي على الأقل - حرصاً مني على صحة و سلامة الآخرين من حولي. وإذا لزم الأمر ولم أفلح في (الهروب) من الحصة كعادتي أحضرها في آخر عشر دقائق لا أكل وأشكر وأثني على معلمتي الطباخة الماهره لتسامحني ولا تعاقبني على عدم حضوري. كنت أشعر أن تلك المادة غير مفيدة على الإطلاق بالنسبة لي، وكانت معلمتنا تقول لنا بالحرف: " تعلموا فنون الطبخ يا بناتي بكرة تتزوجوا وتفتحوا بيوت ورجالكم يحبوكم" وفي الحقيقة لم أكن أعي وقتها ماذا تقول وما تلك العلاقة الوطيدة التي تربط الرجل بالأكل، إلى أن كبرت وعرفت كما أشيع قديماً "أن أقصر الطرق لقلب الرجل هو معدته"، والدليل أن غالبية الرجال دائماً ما يبحثون عن الزوجة الماهرة في الطبخ قبل أي شئ ، بل ويحرصون أن تكون لديها "دكتوراه في فنون الطهي" قبل أي دكتوراه علمية، فتجد العريس يسعد ويبتسم وتنفرج أساريره ما أن يقولوا له عروسك (ست بيت وطباخة ماهرة) ، وفي الحقيقة لا أعلم هل هذه المقولة صحيحة وهل الطعام أهم وأسرع الطرق التي يجب أن تسلكها المرأة لتستطيع السيطرة على قلب الرجل ؟ فقديماً كانت الأمهات يعلمن بناتهن فنون ومهارات الطهي كي تكسب وتأسر قلب وحب زوجها وحبه لطهيها، ومن وجهة نظري المتواضعة أجد أن هناك أموراً كثيرة أهم من الطعام تكسب بها المرأة قلب الرجل وهي ليست مقتصرة على الطهي فحسب! فلقد باتت مقولة (أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته) من التراث القديم ولم يعد أقرب ولا أقصر طريق للرجل معدته كما كان يقال، بل أصبح التفاهم والإنسجام الفكري والصراحة والوضوح والثقة والإحترام المتبادل بين الطرفين هو الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه المرأة العصرية للفوز بقلب الرجل، غير متجاهلين أو غاضين البصر عن جمالها الخَلقي والخُلقي بالطبع، وهذا لا يمنع أن تكون بارعة في إتقان بعض الأكلات المحببة لديه. فالآن لم يعد حال المرأة كما كانت عليه في العصور القديمة، فقد كانت الأم في القديم تُعلم ابنتها ما تعلمته من والدتها من مهارات في الطبخ والعناية والاهتمام بالمنزل والأبناء والرجل الذي كان محور حياة المرأة في ذاك الوقت، حتى يقال: "اقلب الجرة على فمها تطلع البنت لأمها"، أما في الوقت الراهن فلقد تساوت المرأة بالرجل ولم تعد تهتم بالطهي فقط وقد اكتسحت جميع المجالات العملية التي لم تعد حكراً على الرجال فقط . وأياً كان الطريق الذي يؤدي إلى قلب الرجل لن أوجع رأسي به وأترككم الآن لأني في الحقيقة مشغولة وأحاول أن أكسب (شرف المحاولة) وأجرب لأول مرة في حياتي أن أطهو أي شئ، فقررت أن أسلق بيضاً رغم إني لا أحبه لكني وجدته غير متعب ولا يحتاج لتقطيع بصل ولا لسلخ دجاجة، لكني أرجو من أي ست بيت ماهره تقرأ كلامي أن تسعفني وتقول لي "بيني وبينها" كم من الوقت تحتاج بيضاتي العزيزات لتستوي وتصبح جاهزة للأكل الآدمي؟! .. rzamka@ [email protected]