•• بعد أن هدأت "الهوجة" هي من "الهيجان" غير "العاقل" نعم بعد أن هدأت تلك الحالة من "التشنج" الذي صنعه "الغوغائيون" لخدش تلك العلاقة المتينة الأساسية بل الحميمة بين الشعبين السعودي والمصري والمغروسة منذ – الأزل – حيث ذلك الرباط الذي يربط بين البلدين وهو رباط يتخطى كل العوامل الاصطناعية لكونه مفتولاً بحكم روابط التاريخ والجغرافيا لهذا لن يستطيع من أراد كسر هذه العلاقة من النفاذ إلى ما يريده. نعم بعد أن هدأت تلك الزوبعة واتضحت الرؤية تماماً لكل ذي بصيره لابد أن نعرف أن ما حدث كان نتيجة طبيعية لكثيرين ممن أخذتهم بعض المواقف "المتشنجة" التي كانت تسعى بكل ما تستطيع من قوة لفك تلك العلاقة بين البلدين. فهؤلاء الذين كانوا يستخدمون تلك الأقوال ضد المملكة ليسوا هم أولئك المصريين النبلاء الذين غمسنا "خبزنا" في زيتهم أو شربنا من "نيلهم" أو من مسحوا عرقهم "بمناشف" ودنا وحبنا لهم ، لازلت أذكر تلك العجوز الحاجة المصرية التي خرجت من منزلها لصلاة العشاء وذهبت إلى المسجد النبوي الشريف ولكنها لم تستطع العودة إلى مقر سكنها – فراحت تدور حول المسجد النبوي الشريف حتى الساعة الثالثة صباحاً عندما أتت وبجانبها ذلك الرجل "المسن" الذي كان غارقاً في الضحك على ضياعه فاتحاً – فاه – الذي لم يبق فيه إلا "سن" واحد. كنا يومها نقتعد "دكة" أمام – المنزل – في حوش فواز طيب الذكر عندما أخذت تلك العجوز تحكي قصة ضياعهما فكان أن أجلسنا – المسن وذهبت – بالمرأة – العجوز ألف بها حول المسجد النبوي الشريف وأقف أمام كل زقاق – يفضي إلى المسجد هذا المدخل ذروان بجانب مكتبة عارف حكمت فتقول لي لا وكانت أيامها لم تحدث "التوسعة" وحارة الأغوات موجودة وحارة باب المجيدي لاتزال في مكانها .. ومبنى أصطفى منزل عند مدخل بير "حاء" طيبة الذكر لايزال في مكانه بعد أن أكملنا الدورة الأولى حول المسجد وبدأنا في الدورة الثانية والإجابة منها ذاتها وبدأ الحجاج يخرجون من منازلهم لصلاة الفجر وكانت خلفي بخطوتين تسير وهي تبحث عن مدخل زقاق منزلها بعينين زائغتين وكنا لحظتها عند دكان – عبدالستار يمني رحمه الله أمام باب المجيدي عندما أتاني صوتها في عتاب ظاهر وإيمان قوي كأنها تخاطب إنساناً أمامها وهي تقول له "يصح يا نبي نجي عندك ونتوه". لقد أصابتني قشعريرة عندما سمعتها تقول ذلك في انكسار واضح .. فما أن أتمت قولتها حتى ظهر من ذات الزقاق الذي لم تتعرف عليه في المرة الأولى أحد الحجاج المرافقين لها وهو يصرخ "فينك يا حاجه" عندها صرخت فرحاً.. وكفكفت دمعة فرت من عيني لحظتها. ولا ننسى تلك المواكب من الحاجات المصريات وهن يزغردن" من داخل الحافلات في شارع العينية وأمام باب السلام فرحاً بوصولهن إلى طيبة الطيبة أو وداعهن لها. •• إن العلاقة السعودية المصرية "مفتولة" بقوة وباحكام الطبيعة وبضرورات الجغرافيا والتاريخ لا يمكن أن يفكها من أراد ذلك. صحيح أن العلاقات أحياناً – تمرض – لكنها لا تموت أبداً وبالذات علاقة المصاهرة وهي علاقة قديمة قدم التاريخ فهؤلاء المصريين هم أخوال "إبراهيم" ابن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. دعونا من بعض – الجهلة – وبعض ناقصي – الثقافة – والموتورين والذين لا ينسون شيئاً من مآخذ الزمان في غوغائية مستحكمة لديهم وذلك بحكم ثقافة السمع لا ثقافة القراءة والاطلاع وتلك هي المصيبة التي أوجدوا أنفسهم داخلها. فمصر عزيزة على السعوديين كما السعودية عزيزة وغالية على المصريين. وهذا ما أكده ذلك الوفد الكبير الذي يمثل كافة شرائح المجتمع المصري العزيز الذي أتى إلى الرياض التي هي بيت العرب والمسلمين جميعهم تضمهم إليها في حنو الكبير فوجدوا كل ترحاب وكل اهتمام. إنها الرياض . وإنها القاهرة معاً وفقط. عذراً لكل جداوي •• أتاني صوته – محتجاً – كيف نسيت الأسواق الشعبية في جدة عند ذكرك لأسواق كثيرة في داخل المملكة وخارجها فين شارع قابل فين سوق الندى والعلوي والنورية وباب مكة وراح يعدد عليَّ كثيراً من أسماء الأسواق التي عاشتها جدة. كان صوت العزيز محمد مناع يذكرني بأولئك "الجدادوة" الذين غمسوا لقمتهم بماء البحر وغسلوا وجوههم بذلك الندى الناعم الذي يغسل كل جدة في تلك الصباحات الجداوية الرائعة. عفواً وعذراً لكل جداوي "معتق" أصيل مثلك. •• آخر الكلام جينا على روضة هله من الجنة فيها الأحبة تنول كل اللي تتمنى بيرم التونسي