هذه خطوة اخرى تأخذني منحنيات ذلك الزقاق الضيق المتعرج من باب " الحمام " وذلك الرجل العجوز يجلس في بهوه وامامه اكوام من قطع الصابون ..وتلك المناشف ..ناصعة البياض ..وصوت خرير مياه خافت ينبعث من " نافورة " صغيرة تتوسط ذلك البهو ..وبعض من زبائن " الحمام " يجلسون على تلك المقاعد الخشبية ..بعد ان انتهوا من اخذهم " لحمام دافيء " من ذلك الزقاق " ذروان " الى باب مكتبة " عارف حكمة " امام المسجد النبوي الطاهر تلك " المكتبة " الفريدة في محتوياتها من المخطوطات النادرة ومصادر المعلومات . كان " هو " يجلس في مواجهة تلك المكتبة التي تشكو قلة روادها ..يجلس بثوبه " المهلهل " وفي يده عصا ..طويلة يلهب بها ظهر من لا يروق له من المارين ..ويردف ما يفعل بضحكة عالية ..يتردد صداها داخل ذلك " الرباط " المظلم كان واحداً من مجموعة تناثروا في طرقات المدينة ولكل واحد منهم سلوكه ..فهذا ..لا يطيق البشرة السمراء فتراه يلحق صاحبها ضرباً بعصاه ..وذلك يلف على رأسه " عمامة " كأنها " عصابه " تمسك جبينه لكي لا يسقط ..واخر ما ان تقول له كلمة حتى يخلع ملابسه في عفوية عجيبة ..كاشفاً عن المستور ..ورابع يؤخذ في الاحضان رغم كل ما هو عليه من سوء مظهر ورثاثة في الملبس . مظاهر عديدة وعجيبة كانت عامرة بها شوارع وازقة المدينةالمنورة وكان اصحابها يشكلون واقعاً يعطيه الكثيرون سمة ..الدروشة ..والبركة ..لكن كل ذلك ذهب مع اختفاء ملامح ومعالم المدينة القديمة ..كأن تلك النماذج مرتبطة بتلك المواقع البريئة .