الزواج من أهم المراحل التي يمر بها الفرد في حياته، واختيار شريك الحياة المناسب من أهم القرارات التي يتم اتخاذها، ولكن نجد المقبلين على الزواج يبحثون فقط عن شريك يتوافق معهم في الطباع، ويتجاهلون تماماً مدى التوافق الصحي بينهما والحالة الصحية لشريك الحياة، مما يتسبب بعد ذلك في العديد من المشكلات التي تنجم عن انتشار العديد من الأمراض داخل الأسرة، وإنفاق معظم الأموال على شراء الأدوية، فإصابة أحد أفراد الأسرة بأمراض وراثية أو معدية يؤدي إلى تعكر صفو الحياة والعديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك اتجهت معظم الدول العربية وعلى رأسها المملكة والأردن ومصر إلى إصدار قانون يشترط على الراغبين في الزواج إجراء كشف طبي إلزامي للتأكد من خلو الزوجين من أي أمراض قد تسبب لأطفالهما تشوها خلقيا، ولتقنين مفهوم الزواج الصحي القائم علي التوافق والانسجام بين الزوجين من النواحي الصحية والنفسية والجنسية والاجتماعية والشرعية بهدف تكوين أسرة سليمة وإنجاب أبناء أصحاء وسعداء. ولكن نجد العديد من الشباب يتهربون من إجراء هذا الفحص، حيث أشارت العديد من الإحصائيات إلى أن نسبة الإقبال في المملكة شبه مقبولة ولكن غالبية المقبلين هم من الفتيات، أما الشباب فيحددون موعداً للفحص ولا يأتون. وقد تعود الأسباب إلى الخجل الاجتماعي من الأسئلة، والخوف على مستقبل الزواج، ولكن يعد ذلك تفكيراً محدودا لأن الهدف من هذه الفحوصات هو الكشف المبكر عن الأمراض، وتقديم العلاج في حال أتت النتائج سلبية، بالإضافة إلى تقديم المشورة للراغبين من الشباب والفتيات فيما له علاقة بالزواج والإنجاب، من منظور صحي واجتماعي ونفسي. ولم يتسبب هذا الفحص في إنهاء علاقة بين اثنين أو مثل هذه المعتقدات الخاطئة. وأشارت العديد من الدراسات إلى انتشار أمراض الدم الوراثية في العديد من الدول العربية، وتحولها إلى مشكلة صحية واجتماعية خطيرة، ترهق الموارد المخصصة للقطاع الصحي. وأكدت الإحصاءات على إصابة طفل واحد من كل 25 بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض عوامله وراثية حتى سن الخامسة والعشرين. وتنتشر هذه المشكلة بشكل كبير في بلدان الخليج العربي، فأحدث الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن عدد المعاقين في تلك الدول في تزايد مستمر، إذ يمثلون حوالي 13% من إجمالي عدد السكان، منهم حوالي70% من أصحاب الإعاقة الذهنية. وبادرت المملكة بتنظيم العديد من الدورات التدريبية والتعريفية، لشرح تفاصيل هذا الفحص والتوعية بأهميته، وجاء تعريف هذا الفحص بأنه مجرد إجراء للمقبلين على الزواج لمعرفة وجود الإصابة لصفة بعض أمراض الدم الوراثية كفقر الدم المنجلي والثلاسيميا، وبعض الأمراض المعدية كالالتهاب الكبدي الفيروسي ب,ج، ونقص المناعة المكتسب "الإيدز" وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر في الزواج أو الأبناء في المستقبل وإعطاء الخيارات والبدائل أمام الخطيبين من أجل مساعدتهما على التخطيط لأسرة سليمة صحيا. ومن أهداف الفحص الطبي الحد من انتشار بعض أمراض الدم الوراثية، وبعض الأمراض المعدية، والتقليل من الأعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين على الأسرة والمجتمع، وتقليل الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم، فضلاً عن تجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية للأسر التي يعاني أطفالها من تلك الأمراض، ورفع الحرج الذي لدى البعض في طلب هذا الفحص ، ونشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل.