كثيراً ما أقف للحظات وأسأل نفسي بعمق ماذا فعلت لذاتي اليوم ؟ هل أرضيتها كما تحب أم كما يحب الآخرون ؟! وظلت هذه المعضلة تؤرقني زمناً طويلاً حتى عرفت فيما بعد أنها تؤرق الكثير من الناس على هذا الكوكب ، وعندما اركب قطار الذاكرة أمر على أناس أرضيتهم في حياتي بتلبية رغباتهم وبعدها نسوا ما فعلته من أجلهم وكأن لم يكن. وهذه المشكلة كثيراً ما تواجهنا في العمل فعلينا أن نرضي المدير ومساعد المدير وأحباب المدير من الموظفين المختارين ومن ثم أنفسنا وعندما ينتهي اليوم ونعود لمنازلنا نشعر أننا أستهلكنا إلى أقصى حد ، ومع ذلك نظل نشعر بالاستياء لأن النفس مابرحت تشكو ألم القسوة التي تعرضت لها في سبيل الآخرين. ويظل أسوأ ما في الأمر أننا كثيراً ما نفعل ذلك من أجل منصب أو ترقية أو علاوة وتمر السنوا ت ولا يحصل شيء من ذلك ويخيب رجائنا حيث لا نصيب منه سوى شعور قاهر بالذل والهوان بل ربما يصل الأمر إلى انكسار الروح واهتزاز القيم الوجدانية برمتها. وحتى في المنزل لا يخلو الأمر من ذلك فكثيراً ما نفعل أشياء من أجل والدينا أو أحد الأقارب بهدف إرضائهم حتى لو كان على حساب شخصياتنا وفي النهاية نجد أن أغلب الناس في زماننا للأسف لا يقدرون المعروف ، وهذا يوصلنا إلى التساؤل عن من يحترم ذاتاً لم يقدرها صاحبها. وللأسف جزء كبير من تربيتنا يحثنا على إهمال النفس وتقدير رغبات الآخرين عوضا عن ذلك ، بل أن حبها كثيراً ما يوصف بالأنانية وهذا خطأ لأن الأنانية هي الرغبة في الإستحواذ على ما يملكه الآخرين أو الإنفراد بالامتيازات دون الغير بينما حب النفس ليس كذلك فهو مجرد رغبة بسيطة في الحصول على الأفضل بغض النظر عن ما قد يملكه الآخرون. أما من وجهة نظري أرى أن الحقيقة التي يجب أن تقال هي انه يجب إرضاء الذات أولاً ولكن ليس على حساب الغير حتى لا يصبنا الشعور بالإحباط وبأن ما نقدمه لا قيمة له، فالأمس لا يعود لنعوض ما فاتنا فيه والحياة قصيرة جدا وليس من العدل أن نعيشها لنرضي غرور الآخرين. كاتبة سعودية