المدونات الإلكترونية غزت الشبكة العنكبوتية بمختلف اشكالها وأنواعها،المتخصصة منها،والشخصية على حد سواء،حيث "تعتبر المدونات أحد أشهر أوجه الاعلام الجديد،وهي عبارة عن مذكرات ترتب بحيث توضع التدوينات الاحدث في اعلى الصفحة الرئيسية للمدونة،تليها التدوينات الاقدم،حيث تتيح التعليق على ما يكتب فيها،كما يمكن لصاحب المدونة التحكم في محتوياتها بسهولة كبيرة مقارنة بمواقع الويب التقليدية" تمت إحاطة الإعلام الجديد بهالة كبيرة من الاعجاب في بدايات ظهوره،خاصة إذا ما تعلق الامر بالمدونات،هذه الأخيرة التي باتت تشكل نوعاً آخر من الإعلام القائم على الحرية-التي تبقى نسبية-في نقل الاحداث،على اعتبار أن المدونات إعلام لا يخضع لشروط معينة تمليها المؤسسة الإعلامية،كما هو معروف في الأعلام التقليدي. لكن ما مدى صحة الرأي القائل بحرية الإعلام الجديد عموماً،والتدوين خصوصاً؟وهل التدوين أفق للحرية؟أم وهم حرية؟ للإجابة على هذا السؤال لابد من التركيز على النقاط الثلاث التالية: أولاً:الحرية مفهوم زئبقي: إن الحديث عن الحرية بصفة عامة،أمر يحمل من النسبية الشيء الكثير،فالحرية مفهوم زئبقي من الاستحالة الاتفاق عليه بشكل ثابت يجعلنا نقيس الحرية وفق مقاييس موضوعية،فالحرية بالمفهوم المطلق غير موجودة،على اعتبار ان حريتي تنتهي عندما تبدا حرية الاخرين،فمن يحدد في هذه الحالة حدود الحرية الواجب التوقف عندها؟ اذا كانت الحرية في وسائل الاعلام التقليدية يحددها التوجه العام للمؤسسة الاعلامية،والخط الافتتاحي للصحيفة،اضافة للتشريعات الاعلامية الخاصة بكل دولة،فإن حرية التدوين ترتبط أساساً بشخصية المدون في حد ذاته من جهة،وبحدود الحرية التي يرسمها وفق تصوره الخاص من جهة اخرى. إذاً ما الذي يدعونا للاعتقاد بأن بأن التدوين افق للحرية إذا كان التدوين في حد ذاته يعتمد على رؤية معينة لشخص معين،كما هو الحال بالنسبة للاعلام التقليدي الذي يعتمد على رؤية معينة لمؤسسة اعلامية ،أليس التدوين بهذا المفهوم نموذجاً مصغراً عن المؤسسات الاعلامية؟والفرق ان المؤسسة الاعلامية تعتمد على مركزية القرار ، بينما الاعلام الجديد عموماً،والتدوين خصوصا يعتمد على اللامركزية في صناعة المحتوى،على اعتبار أن كل مدون بمثابة مؤسسة اعلامية صغيرة تقدم اخبار متنوعة وفق توجه معين. فكما هو معلوم ظلت وسائل الاعلام التقليدية مرتبطة بالسلطة والرأي العام،في علاقة شائكة ومتبادلةحول من يصنع من؟ومن يوجه من؟.