** فكرة هذا المقال التقطها من رسالة قارئ عزيز نشرتها له البلاد أول من أمس. والواقع ان ما قاله اخونا كاتب الرسالة يستحق التأمل .. واللافت ان مسؤولي التعليم في جدة، وبدلاً من اعادة بناء ما تهدم من نفسيات طلابنا وطالباتنا بفعل اهوال سيول جدة الاولى والثانية، واقول بدلاً من ذلك فقد راحوا - بحسن نية طبعاً - يكرسون (فوبيا) المطر في نفوس الجيل، حتى صرنا نخشى ان تصبح عقدة يصعب اقتلاعها من نفوسهم مستقبلاً. ** المسألة باختصار شديد انه كلما لاح في سماء جدة بضعة سحب، صدرت أوامر عاجلة لمديري ومديرات المدارس باخراج الطلاب من مدارسهم ودعوة آبائهم عاجلاً لاستلامهم واعادتهم، وهذا التصرف - في ظني - ليس تربوياً اطلاقاً ولا هو من قبيل اعادة الثقة للناس بأن مدينتهم قد استعدت للأمطار بحزمة السدود الجديدة التي تم بناؤها وبالمشروعات الاخرى في وسط المدينة وفي عدة احياء منها، والعجيب ان كل تلك المشاريع لم يتم استثمارها كمعطى مهم لعلاج (فوبيا) المطر من نفوس الجداويين - صغيرهم والكبير - وبذلك اضاع المسؤولون فرصة من بين أيديهم في ازاحة الخوف عن الاهالي والسكان.. ** إدارة التعليم في جدة تريد ألا تكون هدفاً لسهام النقد، فتعيد السبب في (صرف) الطلاب مع كل سحابة الى انها بسبب تحذيرات الدفاع المدني، والدفاع المدني يحيل المسألة الى هيئة الارصاد، و(رادار) الارصاد يقول توقعات قد تصيب وقد تخيب، فكم من مرة توقع امطاراً فكانت الحالة صحواً، المهم ان اهل التربية والتعليم وهم المعنيون بنفسيات ابناءنا لم يقدموا عملاً كبيراً يزيل مخاوف المطر عن ابنائنا الطلاب، بل ربما كرسوا هذا الخوف، الى درجة ان طلاباً وحتى معلمين اذا رأوا سحباً في السماء غابوا من تلقاء أنفسهم تحت ضغط الهلع من السيول. ** هذا الخوف الذي يجتاح الجداويون ليس اشاعة او مزحة بل هو حقيقة مسيطرة على النفوس، الى درجة ان بعض الاسر ترفض ان يسافر رب الاسرة خارج جدة، ولو لمدينة داخلية قريبة في فترة (ديسمبر ويناير وفبراير) معتقدين ان وجوده معهم سيكون حامياً من امطار جارفة وسيول هادرة، وهكذا بدأ الناس يصدقون خيالاتهم التي تصل الى درجة الهلع فتحول ذلك كله الى رعب من اية سحابة او رشة مطر. ** السؤال المهم الآن.. هل يتحرك من بيده القرار في جدة لمعالجة هذه الاشكالية، ام أنها ستبقى حتى تعالج نفسها بنفسها عبر عدة سنوات قادمة طويلة؟