متابعة لما توقفنا عنده يوم أمس أقول: ذات يوم قال لي الصديق جميل محمد حسين – رحمه الله - وهو أحد المهرة في علم وهندسة "ميكنة" السيارات والتي اتقنها اتقاناً مبهراً في العراق التي ذهب اليها مبكراً جداً على ما أظن في منتصف السبعينات الهجرية إن مستوى "الميكانيكي" هناك رفيع جداً جداً. نعم كان هذا انعكاساً لما كان عليه هذا البلد العربي العريق من علم وحياة مستقرة قبل أن يلوثه النظام البعثي الذي عبث بمقدرات الإنسان العراقي.. ورماه في وجه الريح.. حتى أصبح نهباً لكل طامع.. لقد كان – العراق – في ذلك الزمن وقبل أكثر من خمسين عاماً عراقاً عفياً.. عراقاً ترفرف على نخيله.. حمامات السلام.. وعلى شواطئه العذبة تستمع إلى المقام العراقي فتنتشي طرباً. هذا المقام الذي حوله "البعث" إلى موال حزن .. وكآبة.. وجموع. والآن ايدينا على قلوبنا بان يدخل العراق متاهة الصراعات القبلية والطائفية التي ما تدخل الى مجتمع إلا شذرته وجعلته فتاتاً تتقاسمه الأيدي المتربصة به اننا نريد عراقاً عفياً متسامحاً كما كانت سيرته فلا صوت يعلو على صوت المواطنة بكل اديانه ومذاهبه المختلفة.نريد ان نسمع همهمات بدر شاكر السياب وتجنيحات الشاعر الكبير الجواهري، نريد ان نلتف حول سمك "المجسوف" برائحته التي تملأ المكان و"بمتنه" الذي كان يملأ قدور ذلك الحي القديم اننا نريد عراقاً عربياً صرفاً.