قدَّمت الحكومة بقرار سامٍ للجامعات والكليات الأهلية دعمًا سخيًا من أجل مشاركتها في تنمية البلاد, ووفّرت لهما أراضي بأسعار رمزية لإقامة المنشآت, وقروضًا ميسرة كونها غير ربحية – وهذا غير صحيح- ودعمًا للتعليم لفتح المجال أمام الشباب الخريجين وإتاحة فرصة إكمال التعليم للقادرين " الطبقات المرتاحة ماديًا", وتحمَّلت ميزانية وزارة التعليم العالي تكلفة رسوم دراسة نصف المتقدمين من الدارسين في الجامعات والكليات الأهلية. وهذا الدعم الكبير, والسخي جدًا, من قروض ميسرة, وأراضي ذات مساحات شاسعة بأسعار رمزية, وتحمُّل تكلفة دراسة نصف المتقدمين من المنتظمين في الدراسة "هناك شفاعات وعلاقات صديقة في القبول بالمنح", يقابله ميدانيًا لا ورقيًا, حقيقة لا تصريحًا, أقل بكثير مما هو على أرض الميدان, ولا يوازي ما يُقدم لبعض تلك الجامعات والأهليات, وضعفًا واضحًا في الخدمات المقدمة للطلاب, سواء السماع والاستجابة للشكاوى, أو الإجابة على استفسار, أو حتى الورش التدريبية والنشاطات اللا منهجية, وأيضًا في طريقة التدريس التلقينية والتعليبية التي لا تقبل أسئلة مطروحة, وسؤالاً ثالثًا كفيلا بطرد الطالب من القاعة, هذا غير الضعف في أداء بعض أعضاء هيئة التدريس الذين يقوم بعضهم بتدريس مواد في غير تخصصه, وليست المشكلة في كون تدريسه لهذه المادة ليست في صميم تخصصه, بل في طريقة التدريس التي تتجه نحو إنهاء المنهج بأسرع وقت ممكن, مع إعطاء الطلبة مواضيع عدة في المحاضرات دون خوض مناقشات كفيلة بترسيخ المعلومة, وستقل القدرة التحليلية والحس النقدي, إلى جانب وجود ثلة من الطلبة تربطها علاقات صديقة مع أصحاب القرار لا ينطبق عليها ما ينطبق على بقية الطلاب, إذ يحظون بمعاملة خاصة, ودرجات خاصة, واستثناءات خاصة أيضًا, والكثير من التقصير والملاحظات والإشكاليات التي توحي بأن ليس هناك مراقبة حقيقية ميدانية من قبل وزارة التعليم العالي, وما يقدم لا يعكس الدعم الكبير الذي تحظى به تلك الجامعات والأهليات. كما أن طريقة التدريس في المحاضرات عن طريق الإلقاء قديمة جدًا, وتعود للعصور القديمة, حيث لا يعطى الطالب فرصة المشاركة والمناقشة, ولا يسمح بسماع الإشكاليات التي تواجهه حين عملية التلقين, إذ الحفظ مقدم على الفهم, والتلقين على الاستنتاج والاستنباط, ويقول ابن خلدون في هذا السياق أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعي والمناقشة لا الحفظ الأعمى عن ظهر قلب، وأن "ملكة العلم" إنما تحصل بالمحاورة والمناظرة والمفاوضة في مواضيع العلم، ويعيب طريقة الحفظ عن ظهر قلب ويعتبرها مسؤولة عن تكوين أفراد ضيقي الأفق عقيمي التفكير لا يفقهون شيئًا ذي بال في العلم ". وأخيرًا, نتمنى أن ينظر لهذه النقاط المطروحة التي يرددها الآلاف من الطلاب, ويخجلون بالبوح بها في حرم الجامعة خشية من أصحاب السلطة المطلقة من أعضاء هيئة التدريس.