تقول جدتي إن الوزارات لدينا لا تستفيد من أخطائها التي تنتج عنها كوارث تحصد الإنسان والآمال, ودللت على قولها مذكرة بفاجعة حريق مدرسة البنات بمكة المكرمة عام 1422ه الذي لم يسقط من عمر الذاكرة حتى تابعنا أنباء حريق براعم جدة وإن اختلفت الأسباب فكلاهما يشتركان في أن مسبباتهما تنحصر في قصور في المتابعة وافتقاد المدرستين لوسائل السلامة. ثم تأوهت بحرقة أحسست أنها تكاد أن تشعل فؤادها, وقالت: يا بني مسلسل المدارس المستأجرة في وطننا العائم على الخير, والتي تفتقد أولاً المعايير الهندسية الملائمة للاستخدام البشري للشريحة الطلابية السبب الرئيس في ترهل العملية التعليمية و»كروش» أصحاب العقار والمستفيدين.ولا تسأل يا بني كيف تعطى التصاريح وكيف تسقط وسائل السلامة مقابل سلامة وطن ولا تنتظر أن ترى المقصر يحاسب, فقد تعودنا أن يتفرق «السبب» بين القبائل أقصد الوزارات؟!ولك في كارثة سيول جدة مثال حي. ثم سألتني هل يوجد «شبك حديد» على نوافذك؟ فقلت لها نعم, فقالت كيف وأنت تسكن في الدور الثاني اجعلها منفذ طوارئ في حال - لا سمح الله - حدوث مكروه, وقالت: مدارسنا يطوق نوافذها الحديد وأبواب الطوارئ شكليات مثلها مثل المتابعة على المباني من قبل الجهات المعنية. أجهشت بالبكاء وأبكتني, وكلما قرأت خبراً عن كارثة جدة أقسم أن دمعي يقرأ معي, وصدقت جدتي فيما قالت وسوف تقول. رحم الله المعلمات اللواتي ضربن أعظم أمثلة في إيثار النفس, فإن لم ننتظر محاسبة المقصرين فهل تلتفت التربية والتعليم لتكريمهن, فنحن وطن نكرِّم الأموات إن قال أحدهم: اذكروا حسنات موتاكم؟! سقط سهواً, هل سيفيق النائم من موته الأصغر أم سيبقى الموت الأكبر يحاصرنا من كل «نخر» في بنيتنا التحتية التي أنهكها «الباطن» ولعب في عفشها «الإيجار»؟.