دور نظام التعليم : لقد ساهم نظام التعليم في تغيير هيكلية سوق العمل والتركيز على التعليم النظري ، وعدد المتعلمين ، وليس نوعية المتعلمين ومستوى إنتاجيتهم أو مهاراتهم ، وأهمل جانب الخبرات المتراكمة ، وركز على الشهادات فقط ،مما خلق وضعا اجتماعيا غريبا ومشوها لسوق العمل أضف الى ذلك أن الجيل الجديد الذي نشأ في زمن الوفرة والرفاهية تعود على سهولة الحياة ،ووجود الخدم والحشم حوله في كل مكان ، حيث أن تغير نمط الحياة للأسرة السعودية أدى إلى تغير نظرة المجتمع للعمل اليدوي والمهني فأصبح يحتقر العمل اليدوي والمهني الذي كان آباؤه وأجداده يقومون به في الماضي ، حتى الزراعة ورعي الاغنام التي كانت المصدر الوحيد للرزق ، لم تنج من هذه النظرة الدونية ، وأصبح كل مواطن يرغب في العمل الحكومي أو أن يكون رب العمل ، أو الاثنين معا إن أمكنه ذلك. لقد أدى نظام التعليم دوره في الماضي من حيث نقل المجتمع من مجتمع أمي إلى مجتمع متعلم ، ولكن لم يكن يهدف إلى تأهيل المواطن لاحتياجات سوق العمل لأن البطالة لم تكن مشكلة في ذلك الوقت . فلم نؤهل المزارع مثلا للزراعة الآلية الحديثه ذات الدخل المرتفع أو الرعي على نطاق واسع وثقافة الطب البيطري لتحسين السلالات وزيادة الانتاجية من اللحوم والالبان بالوسائل الحديثة كما في الدول المتقدمة ، واكتفينا بفتح باب الاستقدام لهؤلاء من الدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض للقيام بأعمال الزراعة والرعي وهي موارد اقتصادية ذات عوائد مالية عالية لو استخدمت فيها الوسائل العلمية الحديثة مع كثافة رأس المال والآلات بدل جلب الآلاف من العمالة الرخيصة . كما أصبحت التجارة في العمالة ، مصدر رزق لقطاع كبير من المواطنين ، وأصبحت التجارة في تأشيرات العمل مصدر رزق للبعض الآخر ، وازدادت سوق العمل تشوها وانقلبت هيكلية سوق العمل وتدهورت فيه قيمة العمل في المجتمع وأصبح كل سعودي يطمح أن يكون هو صاحب العمل وليس عاملا، وأصبح مفهوم العمل سبة للعامل وليس فخرا له. دور قطاع العقار : لعب القطاع العقاري دورا كبيرا في تدهور مفهوم وقيمة العمل في المجتمع ، فبعد أن كانت الأرض تشترى للبناء عليها ، أو الاستفادة منها في مشروع ، أصبحت تشترى لتباع ، وتباع لتشترى ، وتحول عدد هائل من المواطنين إلى قطاع العقار إما تجار عقار أو سماسرة عقار وتركوا وظائفهم وأعمالهم المنتجة ، إلى ذلك القطاع غير المنتج ، لأنه يحقق أرباحا هائلة وبدون جهد يذكر، فقيمة الأراضي دائما في ارتفاع مستمر بسبب الاحتكار، فكيف يمكن إقتاع الشباب بالعمل وبقيمة العمل ، وهم يرون أنه يمكن الحصول على دخول أفضل بدون عمل؟. وعليه لايمكن السماح باستمرار الوضع الحالي لسوق العمل السعودي ،لأنه سيؤدي إلى نتائج كارثية لا محالة،وقد بدأت بوادرها في الظهور،وخصوصا مع التسارع في نمو القوي العاملة السعودية.ولا يمكن أن نستمر في رمي الكرة في ملعب القطاع الخاص وإجباره على توظيف السعوديين ، في الوقت الذي يقوم فيه القطاع الخاص في الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة الرخيصة .