عمر بن عبد القادر جستنية يوجد اتفاق يكاد يكون إجماعا تاما بين المهتمين بدراسة مشكلة الفقر على اختلاف اختصاصاتهم بأن الفقر ليس وضعية ساكنة، بحيث يمكن احتواؤه بعملية واحدة، بل هو آلية متحركة بشكل سريع أحيانا، وباتجاهات وبنتائج غير متوقعة في كثير من الأحيان، هذه الآلية تتفاعل في إطار ثلاثي متداخل: الأمية والمرض والفقر، كل يغذي العنصرين المتبقيين. وهذا ما يجعل عملية قياس الفقر تنطلق من نمو عناصره، وعملية علاج الفقر تنطلق من علاج مسبباته. لقد تطورت المفاهيم المتعلقة بتعريف الفقر وتشعبت وبالتالي تطورت المؤشرات المعتمدة في تقييمه بحكم تطور حاجيات الفرد والمجتمع وتباين مستويات المعيشة ويبقى الفقر بغض النظر عن أساليب قياس مداه وتغلغله في أي مجتمع المشكلة الاقتصادية الأساسية التي عانى الإنسان منها منذ فجر التاريخ. معالي وزير التخطيط اكرمه الله " بشرنا " اخيرا - خلال منتدى الغد، ان الوزارة، كما فهمت، او آخرين تمكنوا من القضاء على الفقر المدقع، وبقي الفقر المطلق، قرأت كامل التصريح الذي ذهب الى الاستراتيجية الوطنية للشباب ولم افهم، مشكلتي – صحيح ولكن حدث العاقل بما يفهم تستطيع كسر رقبته، يقول ديفيد غوردون من جامعة بريستول ان الفقر المدقع " وضع يتسم بالحرمان الشديد من الاحتياجات الانسانية، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب ومرافق الصرف الصحي والصحة والمأوى والتعليم والمعلومات، ولا يتوقف عند الدخل وانما ايضا على الوصول الى الخدمات" وبيان كوبنهاجن 1998 يشير الى " الفقر هو الحرمان من الخيارات والفرص وانتهاك لكرامة الانسان، ويعني نقصا في القدرة الاساسية على المشاركة على نحو فعال في المجتمع" عن أي فقر سيدي الوزير تتحدث، ربما صحافة اليوم الخاطفة والسريعة بعيدا عن التوضيح لم تترك لكم الإدلاء بكل ما لديكم من توضيحات ليتسنى لنا جميعا تأييدكم فيما ذهبت إليه دراساتكم، نحن سيدي نرى الفقر وانواعه في الشوارع والطرقات، ونلمسه في الاحياء اليوم، وامس (ولن يكون غدا بإذن الله في ظل الانسان) في اعقاب فاجعة الماء، ولم نستطع بجهود المتطوعين ان نحقق معه القدر اليسير من الانجاز، وهو ما لم تلمسه الدراسات والتوقعات، والاحصائيات من قبل ومن بعد لأن بعضها سطحي وبعيد من الحقيقة، " بسبب تحقيق المعادلة النظرية ربما .. " الفقر سيدي موجود بيننا في أناس يترفعون عن سؤالكم، وسؤال الناس، او حتى التعرض لخلق الله، في المسجد رجل استجار بالمصلين لا يملك قوت يوم اطفاله رفض حتى ان يدعمه احد المصلين هب لنجدته، مطالبا بشراء حليب لرضيعه فقط، بعدما فصل من عمله، ربما اخطأ الرجل ولكن له حق على المجتمع اولى به من التسول، والذل الذي كان فيه، اسأل بعض اتقياء المساجد وسترى عجبا عجابا، في اعقاب فاجعة الماء دخلت فرق المساندة التطوعية بيوتا مستورة، لم يكن فيها غير الكريم معينا. سيدي الوزير الفقر ليس عيب الفقراء ولكنه نقص القادرين على الكمال، وعليكم رعاكم الله النزول الى بطون بعض الاودية في قرى المناطق وسترى ما لا خطر لكم ببال، وزيارة " الانسان " لبيوت بعض اهلنا ليست بعيدة منكم تحفظها السجلات، هل وجدتم فيها ما تنطبق عليها معايير دراساتكم، ربما المطلوب التوضيح واعادة تصويب الدراسات قبل ان تستكمل. ولرب نازلة يضيق بها الفتى وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج