هل كان تنظيم الأسواق في "القديم" أكثر أهمية منه الآن؟ السؤال يطرحه البعض هذه الأيام بعد أن انتشرت هذه - المراكز - التجارية في مدن المملكة بشكل "أخطبوطي" حتى اصبح البعض يشفق على أصحابها من أنهم سوف يواجهون خسارة فادحة في ظل هذا التسابق الرهيب في إقامة هذه المراكز التي تنبت كشجرة "الصبار" الذي يخرج بدون سقيا ويقول هؤلاء "الخائفون" أو "المشفقون" إن العرض لهذه المراكز يفوق الطلب بمراحل كبيرة.. وهذا خطأ اقتصادي. والحديث عن - المراكز التجارية- هو الذي جعلني أطرح السؤال في رأس الكلام عن تنظيم الأسواق في القديم.. الذي ذكرني بما كانت عليه الأسواق في المدينةالمنورة قبل خمسين سنة.. فعندما تفتحت مداركنا كان هناك لكل نوع من السلع سوقه المختص به.. فهناك سوق القماشة وسوق العطارة وسوق العياشة وسوق الحراج وسوق القفاصة وسوق الطباخة وسوق الفلتية وسوق الخضرة وسوق الجزارة وسوق البرسيم وسوق الصاغة وسوق الصباغة وسوق التمارة وسوق السمكرية وسوق الغنم وغيرها من الأسواق.. وكان لكل مهنة من هذه "المهن" شيخ يرجع إليه عند أي خلاف قد يحدث بين اثنين في السوق وكان لهذا "الشيخ" سطوته وسلطته.. وكان هناك نظام غير مكتوب يحدد العلاقة بين أهل السوق.. فلا يمكن أن يتعدى واحد على آخر لأن هناك نظاماً متفقاً عليه .. ولعل من ألطف أحكام هذا "الشيخ" أن يحكم على أحدهم بالتوقف عن العمل يوماً أو يومين حسب القضية المطروحة وينفذ الحكم بكل اقتناع ورضا.. وهناك لكل فئة مقهاها فهناك "قهوة" الحادي والنقاوي والحريقة والريو كلها في المناخة فكانت العصاري تمتلئ بروادها انه زمن مضى وانتهى.لهذا يرى أهل البصيرة بأنه لابد أن يعاد النظر في كل ذلك.