يُجمع المفكرون والأدباء والعلماء والمثقفون على أن تكريم العالم الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان جاء في مكانه الصحيح لشخصية خدمت الوطن والبحث العلمي والآثار بفكرها وعلمها وأخلاقياتها وأبحاثها.. وهذا ليس بغريب على بلادنا العزيزة، فتكريم العلماء والنجباء والمبدعين هو سمةٌ من سمات هذه البلاد حماها الله، ونُحيي في هذا المقام لجنة المهرجان بالجنادرية لاختيارها هذا الرمز الفقهي المتنوع المواهب المتميز الجوانب. يرى كثيرٌ من الأكاديميين والباحثين والعلماء أن الدكتور أبو سليمان له حضور لافت وتواجدٌ بارز في العديد من المحافل، فعالِمَنَا يرى أن الفقه صناعة وابتكار وإبداع ولا يقف على المنقولات فقط بل يتناولها بالتحليل والتفسير والاستنتاج الفكري، وقد عمل في عدة مناصب مختلفة فقد شغل منصب عضو هيئة كبار العلماء منذ عام 1413ه وحتى الوقت الحالي، وعضو المجمع الفقهي بمنظمة العالم الإسلامي، وعضو المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، وأستاذ الفقه والدراسات الإسلامية بقسم الدراسات العليا الشرعية بجامعة أم القرى، وله الكثير من النتاجات العلمية أذكر منها ترتيب موضوعات الفقه الإسلامي ومناسباته في المذاهب الأربعة، وعقد الإجارة مصدر من مصادر التمويل الإسلامية، والبطاقات البنكية، وتحقيق كتاب الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة، وكتاب الضرورة والحاجة وأثرها في التشريع الإسلامي، ومن كتبه المشهورة كتابه البحث العلمي ومصادر الدراسات العربية والتاريخية، وكتاب منهجية الإمام الشافعي في الفقه وأصوله. وقد أسهم الدكتور أبو سليمان في نشر الثقافة الشرعية النيِّرة المعاصرة بعيداً عن التكلف أو التشدد، وكلنا يعرف أن شخصية هذا الجحفل الكبير تعمل في صمت وهدوء بعيداً عن الأضواء ولكن النور انعكس على شخصه الكريم من خلال أعماله وغزارة إنتاجه فالتكريم اليوم هو صفة حضارية. تعلو بها الهمم. وتسمو بها الأمم. تشجع الأداء. ويكثر بها الإبداع. فتزداد أواصر العطاء بزيادة الإنتاج مما يؤدي في نهاية الأمر بين العلماء والمثقفين إلى التواصل المعرفي، وهو المطلوب لخدمة العلم الشرعي الديني والفقهي الذي تتميز به بلادنا العزيزة. تكريم عالم من علمائنا هو تكريمٌ لكافة العلماء الأفاضل وفقهائنا في ساحات الشرع والشرف، فنحن شعبٌ وفيٌّ أبيّ، نحب العلماء ونقدرهم ونجلهم.. فطوبى لبلادنا بهذه الكوكبة المستنيرة من علماء الدين. عرفت الدكتور أبو سليمان عن قرب في إحدى ليالي الاحتفال بذكرى أحد رواد الأدب والفكر في جامعة أم القرى بمكةالمكرمة وتبادلتُ معه أطراف الحديث في الأدب وشخصية أدبائنا فوجدته فكراً مستنيراً ومكتبة عميقة في غاية اللطف والكرم الخلقي والأدبي، إنه واسع الأفق طيب المعشر. حقيقة وجدتها في شخص هذا الرجل إنها أخلاق العلماء وأدب النبلاء، ويحضرني هنا قول الشاعر: ولقد وجدتك بالسماحة والندى بحراً وبالآداب روضاً مزهرا ورأيت فيك مكارم الأخلاق قد جُمعت وكل الصيد في جوف الفرا حقاً أبو سليمان من هذا النوع من الرجال، فقد جمع مكارم نبل الأخلاق وطيب الخصال، تجده متواضعاً غير متكلف، ولا متشدد ولا متكبر، هو إنسانٌ بسليقته بمعنى الكلمة خفيف الظل هادئ الطباع، وهذه الصفات ليست بجديدة على عالمٍ مثل الدكتور أبوسليمان. فقد عرفناه عندما عمل أكاديمياً في جامعة أم القرى، ثم عميداً لكلية الشريعة، وتنبأنا له بمستقبل زاهر لطموحاته الكبيرة ويحضرني هنا عندما التقيت به في إحدى الأمسيات الثقافية في اثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة يوم تكريمه، ورأيت في عرضه لبعض آثار ومواقع المكتبات في مكةالمكرمة عند مداخل الحرم المكي الشريف مثل (باب الباسطية وباب الزيادة، وباب العمرة، وباب السلام)، أقول رأيت في شخصه سماحة الأستاذ النابه والمؤلف الحريص والباحث النجيب، أطلعنا حينها على عدد من المكتبات التي ساهمت في ارتقاء العلوم الدينية والشرعية والثقافية، رأيت في عالمِنا الكبير أنه يشير إلى هذه الأماكن التاريخية بحرصٍ واهتمام مما جدَّد في ذهني ذكريات ماضية عند دخولي وخروجي من أبواب الحرم المكي وشراء بعض المستلزمات الدراسية أو الانخراط في حلقات العلم آنذاك.أقول لهذا الرمز هنيئاً لك يا ابن مكة والحطيم وزمزم، هذا التكريم خاصة وأنه صادرٌ من مقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله فتكريمك اليوم هو تكريم لأبناء المملكة عامة وأبناء مكةالمكرمة خاصة.نحن فخورون بتكريم هذا العَلَم ونتمنى له التوفيق في ميادين البحث العلمي، ونسأل الله أن ينفع به وبأمثاله، يقول الشاعر: لنا نفوسٌ لنيل المجد عاشقةٌ ولو نسلت أسلناها على الأسل