(الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس) لاشك أن الفساد هو أحد الآثام الكبيرة التي يعمل صاحبها في صمتٍ وتخطيطٍ حتى ينال مبتغاه وهو من الآثام الكبيرة التي نكره أن نعيشها. نبارك اليوم لإحداث هيئة مكافحة الفساد في بلادنا وعسى الله أن يوفق القائمين عليها للقضاء على هذا الفساد الذي انتشر انتشار النار في الهشيم نسأل الله أن يوفقها في واجباتها ومهماتها خاصة وأن خادم الحرمين الشريفين وفقه الله ألحق هذه الهيئة به شخصياً فهي تستمد قواها وسلطتها من شخص المليك مباشرة. نحن كشعوب نؤمن بأن الفساد هو نوعٌ من الخروج عن الطريق القويم وندرك أن علينا واجباً ككتاب ومثقفين وعُلماء ومفكرين حتى الفنانون المشاركة في التوعية وإرشاد الناس إلى أن هذا الإثم كبير وعظيم ويخدش حيائنا ووطنيتنا ويسيء لعقيدتنا ويدمر اقتصادنا، كما نطالب هيئة مكافحة الفساد إقتحام جميع الدوائر والمؤسسات العامة للإطلاع على مشاريعها والوقوف على تنفيذها ميدانياً ومراقبة المبالغ المعتمدة في الميزانيات لهذه المشاريع وعقودها ومحاولة إحياء مبدأ (من أين لك هذا؟) مع تحري الدقة في متابعة الإدارات والأشخاص والتشهير الرسمي بحق من يثبت تورطه في مثل هذه الأعمال. نرجو أن تتكاتف الجهود بين الجهات المسؤولة وذات العلاقة للكشف عن كل ما يسيء للوطن والمواطن. جميعنا يعرف أن الفساد في أي مكان يرتبط بقاعدة عنكبوتية ودائماً ما نلاحظ أن الذين يرحلون هم الذين يُساؤلون، أما الفاسدين فهم جاثمين ، هذا ما تجلى لنا في الدول المجاورة أثناء الأحداث التي حصلت بها، فقد رأينا قلاعاً وتلالاً من الفساد تتهاوى كلعبة (الدومنه) الواحدة تلو الأخرى. والصحافة لها دورٌ كبير في الإشارة أو الترميز إلى مكامن الفساد والتوعية بالوطنية والقيم الدينية في مكافحة هذا المرض. فيجب على وسائل الإعلام المختلفة أن تشارك مع هذه الهيئة بالتوعية ولا أغفل دور التربية والتعليم وحتى المسرح التربوي فهو ركنٌ أساسي في بذر حب الوطن وتأكيد الهوية الوطنية لدى الشباب. الكل مسؤول ومشارك في أعمال هذه الهيئة المتخصصة سواءً رغبنا أم لم نرغب فلا نقول لهم إذهب أنت وربك فقاتلا، بل نحن مسؤولون أمام الله ثم الوطن لاكتشاف هذا الداء بين أوساطنا المحلية، فالمساعدة واجبة والتعاون مطلوب لإبعاد هذا الكيان عن كل ما يهدده، وهو لا يقل خطورة عن الإرهاب فكلاهما يشتركان في تدمير المجتمع، فالفساد ما كان في شيء إلا دانه وما خلا من شيء إلا زانه، ومطالب الشباب لها الأولوية في التنفيذ. فالشباب في بلادنا العزيزة يمثل الغالبية العظمى من سكان بلادنا، أقولها كتربوي بكل صراحة ومصداقية، يجب أن نسعى جميعاً لتحقيق طموحات شبابنا وإيجاد تكافؤ الفرص للمشاركة في خدمة هذا الوطن الغالي وتحقيق الأيدي العاملة الأمينة وليس ما كان يسعى إليه المفسدون من تزييف الحقائق وتبديد الآمال والأموال في بناء مستقبل حفنة من المفسدين متناسين حق البلاد والعباد في العيش الكريم. إن أموال الدولة هي أموال الوطن بكافة فئاته وأطيافه الفقراء منهم والأرامل والأيتام والمحافظة عليها هي سر نجاحنا وفلاحنا وبراءة ذمتنا كما كان عليه أسلافنا ممن ارتقوا المناصب الكبيرة وخرجوا فقراء إلى الله وماتوا شرفاء. ويقول الشاعر: ومن البلية عذل من لا ينتهي عن جهله وخطاب من لا يفهم اللهم أحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا