في عصر الاكتفاء الذاتي والمادية المفرطة.. لم يعد الإنسان يجد نفسه في بوتقة الجماعة مؤثرا ومتأثرا كما كان في السابق، ولم يعد تحقيق الترابط الاسري ممكناً. ومن نافلة القول والحقائق التي لا تقبل الجدل أن النظام الأسري في الماضي كان عامل قوة وأداة صنع الرجال.. رجال عظماء عملاً وسلوكاً. تلك الأيام خلت، عشناها وعايشناها في الحارة وفي دار العائلة الكبيرة التي تضم أربع أو خمس عوائل تعيش في سعة الدار والقلوب بعيداً عن علب السردين التي تسمى الشقق مجازاً التي تحشر فيها النفوس اليوم حشرًا!! كانت الحياة جادة، ومبادئ رضعنا لبنها من ثدي أمهات لم يحملن شهادات من معاهد، بل من جامعات هي القدوة والتربية السليمة.. مبادئ تنبع من ترابط أسري يسوده الحب والوئام.. أفراد تناطح هاماتهم السحب شموخاً وعزة نفس.. احترام للكبير وتوقير وعطف ورحمة للصغير كل ذلك نابع من إيمان وقناعة. والآن يمكننا ترتيب بيتنا من الداخل من جديد وذلك بالعزم والقوة التي ترفض اللهث وراء الماديات وتحكيم العقل والفطرة السليمة ونبذ كل ما هو دخيل. تباً لها من حضارة إن كانت تفرق ولا تجمع.. تُبعد ولا تُقرب.. حتى جمعتنا في يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه.. وحسبي الله ونعم الوكيل.