يحلو لبعض الناشرين العرب ان يجلوا الكتاب (الاجنبي) لدرجة الهوس، ويبخسوا الكتاب العربي لاسباب معروفة لا حاجة لتفصيلها، وهي باختصار شديد: عقدة الاجنبي (الخواجة) - لا تزال- تعشش في عقول بعض السذج الذين لا شغل لهم سوى رفع شأن الاجنبي حتى لو من ادنى خلق الله، وخفض شأن العربي حتى انهم انساقوا بطريقة شيطانية الى ترديد مقولة اعداء هذه الأمة العظيمة: ان الشعب العربي شعب غير قارئ! في حين ان القراء في اي مكان من العالم يتفاوتون بين قارئ رؤية، وقارئ سيرة ذاتية، وبين قارئ طالب جامعي او قارئ دراسات عليا، وبين قارئ باحث وقارئ كاتب. ولاختلاف القراءة في تناول (الكتاب) ايا كان نوعه او شكله او محتوياته - يفرض الكتاب نفسه على القارئ، ويجعله يدفع ثمنه بهدوء وبغبطة لا يمكن وصفها. وهناك فرق شاسع بين (محتل) يبني مخططاته الثقافية والاعلامية والتعليمية بناء يحط من قدرات خصمه حتى يسهل عليه في شل تفكيره، وارباكه في مفاهيمه، وخاصة فيما يتعلق بالعقل والفكر والقراءة التي اول كلمة تلقاها نبي هذه الأمة العظيمة من رب العباد كلمة: "أقرأ" التي جاءت في صيغة امر في محكم التنزيل القرآن الكريم، قال تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق، آية: 1 والمدهش ان بعض الناشرين (العرب) الكسالى الذين لا يضطلعون بمسؤولياتهم الجسام، وانما يتركونها لبعض العاملين لديهم الذين لا يفهمون من عالم الكتاب سوى جني الارباح لانفسهم، وملء جيوبهم برواتب دور النشر المرتفعة الذين ينقلون إلى اسمائهم مقولة لا تتفق في كثير من الاحيان ما تقوم به دور النشر الاجنبية في بلدانها من جهد ونشاط وحركة توزيع دائبة لكل كتاب يصدر هناك اذ تطبع مئات آلاف النسخ من كل كتاب في حين لا تستطيع دار جريدة (نوبيلا) سوى طباعة اربعة آلاف نسخة فقط لكتاب عربي، مثل (نجيب محفوظ) الذي وصلت شهرته الآفاق! والسبب عندي يعود الى تقاعس هذه الدار -بكل اسف- بدورها في عالم النشر اذ يتطلب المطالبة أولا عبر نقابة الكتّاب (الحكومة) ان تفرض نظاما ناجزاً بتزويد كافة المكتبات العامة او المدرسية او الجامعية او مراكز الابحاث والمعلومات بما لا يقل من خمسين الى مائة نسخة كما تفعل دور النشر "الاجنبية" في بلدانها إذ إن هناك "ميزانية" مخصصة لكل مكتبة تصرف من اجل اقتناء الاصدارات الجديدة. ثم يأتي دور دُور النشر الاجنبية الذي ينحصر في تقديم مكافأة مجزية للمؤلف مع اقامة حفل (توقيع) المؤلف يعلن في مختلف وسائل الاعلام بعد ان يتم الاعلان والدعاية للكتاب عبر الحملات الترويجية في الدوريات والباشورات (المطويات) ثم يأتي بعد ذلك دور التوزيع في منافذ التوزيع الرئيسية في المُدن الكبرى، والفرعية على اطراف المدن والقرى والهجر والارياف. لو صارت دور النشر العربية على نفس هذا الترتيب (المخطط) لطبعت من كل كتاب عربي مئات آلاف النسخ، ولكن اغلب اصحاب دور النشر العربية تعتمد في مخططاتها التسويقية على ثلة من العاملين المتطفلين على عالم الكتاب ونشره وتوزيعه لاهم لهم سوى جني (العمولات)، وملء جيوبهم بالرواتب والبدلات، وترديد مقولة العاجزين الذين اصابوا الكتاب العربي -بكل اسف- في مقتل بسبب افكارهم الضالة المضللة لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تفيد صناعة النشر في العالم العربي والإسلامي كله سوى بالاحباط والفشل، والنيل من رواد الفكر والثقافة والأدب الذين لا هم لهم سوى تقديم كل ما يفيد وينفع هذه الأمة العظيمة هذا نصها: انك ان اردت ان تنجح في عالم (النشر)، فأنت بحاجة (في حاجة) الى عمر نوح، ومال قارون، وصبر (ايوب)! والحقيقة الغائبة عن هؤلاء العاجزين ان كل العمل التجاري او التسويقي او التوزيعي في اية مهنة او وظيفة او عمل تفتقر الى فترة زمنية، والى امكانات مالية، والى صبر، والشاطر الذي يطور ويتطور مع الوقت في مهنته ووظيفته وعمله. فهل يبادر اصحاب دور النشر والمكتبات الى تسريح الواهمين لديهم الذين عجزوا في اداء مهام اعمالهم رغم مضي فترة طويلة في وظائفهم، واحلالهم بأبناء الوطن المتخصصين في عالم المكتبات؟!