سعدت كغيري من المتابعين والمهتمين بحضور فعاليات ملتقى قراءة النص في نسخته (11) الذي نظمه وينظمه سنوياً نادي جدة الأدبي ودشنه رسمياً معالي د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام وبحضور نخبة مميزة من الباحثين والدارسين من داخل البلاد وخارجها. أقول سعدت بتلك الفعاليات التي كان محورها الأساسي لغتنا الأم اللغة العربية لغة البلاغة والبيان التي تكفل الله بحفظها من خلال كتابه الكريم الذي انزله بلسان عربي مبين "إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ورحم الله أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ عندما عرف البيان وقبل أكثر من ألف عام بقوله "إن البيان اسم جامع لكل شيء كشف قناع المعنى وهتك الحجب دون الضمير حتى يفضي السامع إلى الحقيقة ويهجم على محصوله كائناً ما كان ذلك البيان , ومن أي جنس كان ذلك الدليل , لان مدار الأمر والغاية التي إليها يجري القائل والسامع إنما هو الفهم والإفهام .. فبأي شيء بلغت الإفهام وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضوع , ثم اعلم حفظك الله إن حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ .. لان المعاني مبسوطة إلى غير غاية وممتدة إلى غير نهاية .. وسماء المعاني مقصورة معدودة ومحصلة محدودة". لقد نجح الملتقى في إلقاء الأضواء على جوانب متعددة وزوايا متداخلة ومتقاطعة مابين اللغة والنقد وتشكيل الوعي والمعرفة وكان فرصة سانحة لالتقاء جمهرة كبيرة من المثقفين والأدباء والإعلاميين للتباحث والنقاش حول هذه القضية القديمة الجديدة التي كثيراً ما تصدى لها المتحدثون وخاض عبابها العارفون بفلسفتها وحكمتها وسعتها وغنى مفرداتها وخصائصها الاشتقاقية. وكما أشار معالي د. عبد العزيز خوجة في كلمته الافتتاحية للملتقى بان الإنسان لم يبلغ المعرفة إلا باللغة فاللغة سر المعرفة نعم إن اللغة العربية تمثل الينبوع الصافي وهي وجه من وجوه النشاط الإنساني الحي والوعاء الشامل والبحر الجياش بالحياة. وما احرانا ونحن في هذه الأرض الطاهرة ارض العروبة ومهد الرسالة المحمدية بل ولكل من تكلم لغة الضاد أن نولي لغتنا العربية جل الاهتمام والعناية وان نحافظ عليها ونسعى لنشرها بشكلها الصحيح في مدارسنا ومنازلنا وشوارعنا ومطاعمنا وان نيسرها للناشئة ونهتم بمن يقوم على تدريسها وإقامة المزيد والمزيد من اللقاءات والورش التعليمية التي تتناول مختلف جوانب اللغة وما يتصل بها من علوم ومعارف حديثة والاهتمام بها أيضاً في مجال المخاطبات والمراسلات الإدارية في الأجهزة الحكومية والخاصة ,والعمل على فرض احترام لغتنا في أسلوب الخطاب مع بقية اللغات الأجنبية الأخرى وذلك من خلال تطوير استخدامات اللغة العربية لتصبح إحدى اللغات الرسمية المختارة للتعامل الدولي . وبلا شك فان النواتج الفعلية لمثل هذا الاهتمام والعناية هو تأكيد لهويتنا وشخصيتنا العربية الأصيلة وحتى يصبح أبناء الوطن أكثر اعتزازاً وفخراً بلغتهم الخالدة فهنيئاً لنادي جدة على اختيار هذا الموضوع وهذا النجاح المتصل ..وهذا علمي والسلام .