جهاز اخترق كل بيت بأحجامه المختلفة بعضهم يقتني شاشة عرض كبيرة يُبث خلالها العالم كله أخباره وأفلامه، موسيقاه ومسلسلاته ونقاشاته وإعلاناته بكل ما تحمل من سلبيات وإيجابيات، تفتحت معها مداركنا وعقولنا وقلوبنا صغيرنا وكبيرنا وأصبحنا نعيش جميعاً سوياً في قرية واحدة وإن بعُدت المسافات. بعض القنوات الفضائية يمكن منع بثها من خلال شفرات معينة وما أكثرها ولكن لا يغلقها أحد فحب الفضول غريزة من غرائز الإنسان ورغبة منه لاكتشاف ومعرفة ما يخفى عليه من خلالها وكما يثير الانتباه والرغبة في معرفته متوفر وبكثرة عبر النت كما عبر الفضائيات أيضاً، فمفتاح مشاعرنا بين أيدينا والتعامل معه يعود إلى قوة إراداتنا. لا ننكر أن هذه الأيام عصيبة جداً يمر بها وطننا العربي الكبير ونحن معه، نحزن ونبكي وقل سرورنا كثيراً عن ذي قبل، فما يحدث لأشقائنا في البلاد العربية يدمي القلوب وليس من حيلة غير الدعاء للحق بأن ينتصر والصبر لأهالي الشهداء والمنكوبين، والانتظار الذي تُحسب كل دقيقة فيه بأعوام كثيرة تكاد تكون دهوراً لا تريد أن تنتهي فنهاية الأحداث لا يمكن التنبؤ بها هل ستكون سعيدة أم مأسوية؟ نجد الشائعات وقد كثرت وما تبثه بعض القنوات الفضائية تُكذبه قنوات أخرى ولا يظهر الصدق من الافتراءات إلا ما يبثه المصدر على الهواء مباشرة ومن أفواه المعذبون أنفسهم في بلادهم على مرأى من العالم ومسمعه، عجيب هذا الزمن الذي أتى بتقنية حديثة أزاحت الستار بعاصفة قوية ليكشف الغطاء عن الجبابرة والطغاة وأمام العالم أجمع! فقد رأينا الثراء الفاحش والفقر المدقع وثورة الشعوب على شاشات الحقيقة وعشنا معهم بقلوبنا متمنين أن يكون ما نراه مجرد سراب ولكن وبكل أسف ليس بسراب بل حقيقة. وهل ما يحدث فعلاً بسبب عدو خفي يقوم بإثارة الشعوب لتتحقق أمنية "كونداليزا رايس" بعمل "شرق أوسط جديد"؟ من المريح في أحيان كثيرة إغلاق هذه النافذة المطلة على العالم ليعيش الإنسان في سلام وراحة بال، فالإنسان يعيش من خلالها كل دقائق الأمور ولا يستطيع فصل نفسه عن الجسد العربي الكبير. لا نملك غير الابتهال إلى الله العزيز القدير أن ينصر الحق والعدل في هذا العالم الفاني إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلن يبقى إنسان إلا ويقف بين يد العادل الجبار لينال ثمن ما قدمه في حياته من يوم ولادته إلى مماته ولا نقول إلا أحسن الله خاتمتنا وكفانا شر أنفسنا.