يطلق علماء المنطق والفلسفة لفظ الفساد على "انتقاص صورة الشيء، وخروجه عن الاعتدال قليلا كان الخروج أو كثيرًا، ويضاده الصلاح، ويستعمل في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة ويمكننا إطلاق صفة موظف فاسد على كل موظفٍ يستغل سلطاته و صلاحياته من أجل منفعة خاصة. و الطبيب يكون فاسداً إذا لم يقم بواجب مهنته على أكمل وجه, و المعلم يكون فاسداً إذا قصر في إيصال المعلومة لطلابه على الوجه الأكمل بدون تزييف أو استهتار ,و المزارع يكون فاسداً إذا استخدم في انتاجه مايضر بالمستهلكين كالمبيدات المحظورة والأسمدة المسرطنة رخيصة الثمن ليهلك الحرث والنسل والمهندس يكون فاسداً إذا لم يراع المواصفات القياسية المصطلح عليها في مهنته مما يترتب على ذلك من انهيارات للأبنية والجسور والطرق ,والتاجر يكون فاسداً إذا غش المستهلك وباعه سلعة ليست حسب المواصفات المطلوبة و هذه الممارسات لا تأتي إلا من نفسِ نزعت من قلبها الرحمة و خلت من تقوى الله سبحانه وتعالى فلم يردعها رادع و هذه النماذج هي نتاج تربية أسرية فاسدة أو مؤسسة تربوية فاسدة أو مجتمع فاسد أو إدارة فاسدة من رأسها حتى أخمص قدميها فالأسرة هي التي تزرع في الطفل النواة الأولى للصلاح فلا يتمادى الطفل في اقتناء أشياء الغير بغير وجه حق فإذا نشأ على هذه المبادئ التربوية بهذا التوجيه الأسري نشأ مواطناً صالحاً في بيته ومدرسته ومجتمعه وإدارته والعكس صحيح و قد ورد ذكر الفساد في كتاب الله الكريم في ستة مواضع لتعظيم جرم الفساد والمفسدين في الأرض وأن من أعظم الفساد فساد القلب كما قال صلى الله عليه وسلم ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) يلي ذلك في الجرم الفساد المالي والإداري و هو فساد استشرى في وقتنا الحاضر في مشارق الأرض و مغاربها و قد تناسى هؤلاء أن الكرة الأرضية أصبحت عبارة عن صندوق زجاجي شفاف يطلع العالم على كل ما يدور بداخله من أحداث، والفساد المالي يعني ببساطة أن تشبع القلة القليلة ليجوع كل العامة و صدقت ياسيدي يارسول الله حين قلت ( يأتي زمان لا يبالي فيه المرء أيأكل من حلال أو من حرام أو كما قال صلى الله عليه وسلم ) ولنا في رسول الله أسوة حسنة. فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن أبي حميد الساعدي :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملا فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال يا رسول الله : هذا لكم وهذا أهدي لي ، فقال له : أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد، فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا، فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرا جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر ، فقد بلغت . ) **وقفة قال تعال في محكم التنزيل {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [email protected]